السعودية تتمسك بورقة الحكومة.. بانتظار الحل السوري
هل يُستدرج مجلس الأمن إلى التدخل بالرئاسة اللبنانية؟
تعددت القراءات اللبنانية للقمّة الروسية ـ السورية المفاجئة من حيث توقيتها، في عزّ التحول العسكري الميداني في سوريا، ولمكانها، حيث انتقل الرئيس السوري بشار الأسد إلى موسكو في أول زيارة معلنة إلى الخارج منذ اندلاع الحرب في سوريا، علماً أن تقارير تؤكد قيامه بزيارات غير معلنة إلى غير دولة حليفة.
وانشغل الفرقاء اللبنانيون في تقييم الزيارة، منقسمين بين موهّن لها وبين من رأى فيها انتصاراً للأسد وحلفائه في حربه على محور الإرهاب والتكفير، إلا أن مرجعاً ديبلوماسياً مخضرماً سجل جملة من الدلالات التي يرى أنه يجب أخذها لبنانياً في عين الاعتبار، كونها توجب التحذير والتنبه الى ما قد يلجأ اليه المحور السعودي من محاولة وضع الواقع اللبناني أمام خيارات صعبة جداً.
في رأي المرجع الديبلوماسي أن قمة بوتين ـ الأسد هي رسالة الى الولايات المتحدة الاميركية وحلفائها الاوروبيين والمنطقة بمرجعية الاسد كرئيس لسوريا في الحل السياسي، وبأن الطروحات التي كان يتم التداول بها قبل التدخل العسكري الروسي في سوريا لم تعد قابلة للتسويق بعد حصول التدخل. وتفيد الرسالة، بحسب المرجع، أنه بالرغم من أن عودة الأسد إلى الساحة الدولية جاءت من بوابة موسكو، إنما فضاؤها الرحب هو مجموعة دول «البريكس». كما أنه بمجرد حصول القمة في روسيا، فهذا يعني أن بوتين «ثبّت نهجاً جديداً في المعادلات الدولية وهو أنه ينفّذ استراتيجيته ومن يعترض فليعترض، وهذا دليل على ثقة كبيرة بقدرات بلاده، مضافاً إليها حنكته في الاستثمار المنطقي حيث أثبت الآخرون فشلا ذريعا».
وينصح المرجع الديبلوماسي «فرقاء في قوى 14 آذار» أن لا ينجرفوا في لعبة «روليت» لا يمارسها الروسي أصلا، عبر الذهاب إلى خيارات تربك قوى «8 آذار»، بناء على إرادة خارجية، لأن ذلك لن يؤدي الى تثبيت معادلات سابقة اعتادوا عليها، إنما سيدفع الى عملية دستورية قوامها انتخابات نيابية لا مفرّ من إجرائها وفق قانون يعتمد قاعدة النسبية، وبالتالي حصول تغيير جذري في التركيبة السياسية يفرض منطقاً جديداً في عملية إدارة الحكم.
يأسف المرجع لاستمرار فريق «14 آذار» بالانصات إلى تطمينات غربية ـ أميركية خلاصتها أنه «سيُسمح للحلف الدولي ـ الإقليمي بقيادة روسيا بربح المعركة في سوريا لكنه يضمن خسارته في السياسة، تماماً كما حصل في أعقاب أحداث 7 أيار 2008 التي حسمتها 8 آذار ميدانياً، قبل أن تعود من الدوحة بهزيمة سياسية صريحة». ويجزم المرجع أن «هذا الامر لن يتكرر على الاطلاق وتحت أي ظرف من الظروف»، متمنياً أن يتنبّه «من تبقى من عقلاء» في «14 آذار» إلى أن كل الاعتبارات التي تحكم الموقف الداخلي والاقليمي وحتى الدولي قد تغيرت. ويتابع: «ما أتخوف منه، يمكن رصده من متابعة ما درج على تكراره رئيس الحكومة تمام سلام في كل مناسبة لجهة إبداء قرفه وعدم قبوله باستمرار الوضع الحكومي على حاله، مع تأكيده أنه يقترب من اتخاذ القرار الحاسم وصولا الى الاعلان انه غير متمسك بالمنصب..». ويضيف: «هذا كله يؤشر إلى أنه يدخل في سياق تهيئة الاجواء للتوقيت الدولي والاقليمي المناسبين للاعلان عن استقالة الحكومة».
يؤكد المرجع أن «قرار استقالة الحكومة هو بيد السعودية والولايات المتحدة الاميركية، وبالتالي طالما لم يُعطَ الإذن بالاستقالة فهي لن تحصل»، لكن مع ذلك، فإن «الخشية من تزامنها مع ولوج الحل السياسي في سوريا، لتعطيل كل المؤسسات الدستورية، وبما أن القرار 1701 يشكل المظلة الدولية للاستقرار في لبنان، فإنه سيعطي مجلس الامن فرصة استلام زمام المبادرة، كأن يجتمع لاصدار بيان رئاسي أو قرار يلزم المجلس النيابي بانتخاب رئيس جمهورية ضمن سقف زمني. وهو ما سيؤدي عملياً إلى إرباك فريق 8 آذار وعدم تثمير التطورات السورية لمصلحة هذا الفريق».
يحذر المرجع «من أي تهور في هذا الاتجاه،» لأن فرض وقائع خارجية خارج إرادة مكونات أساسية وفاعلة لبنانياً وإقليمياً سيكون من الصعب تمريره، لا بل قد يوظّف في عملية إعادة النظر في النظام السياسي، بحيث يقع الفريق الآخر في ما كان يخشاه لجهة ما أسماه مؤتمرا تأسيسيا جديدا، والذي سيكون في حقيقة الأمر، عقداً اجتماعياً جديداً».