لم يستثن وزير خارجية ايران محمد جواد ظريف لبنان من جولته، وسيتوقف فيه 24 ساعة الثلثاء المقبل آتيا من موسكو وأنقرة، وربما سينتقل الى مسقط وفقا لنتائج الاتصالات المكثفة الجارية، في محاولة لانضاج حل للأزمة السورية. وهو لم يهدأ منذ 14 تموز الماضي بعدما توصل الى “التفاهمات” حول برنامج بلاده النووي اثر مفاوضات شاقة خاضها مع وزراء خارجية الدول الكبرى الست ذات العضوية الدائمة لدى مجلس الامن والمانيا ومعظمها مع وزير الخارجية الاميركي جون كيري. ويعود السبب الى ان القيادة الايرانية تعتبر لبنان بلدا مهما بالنسبة اليها، ليس فقط لأن فئة كبيرة من قادة الاحزاب والتيارات السياسية تؤيد سياستها، بل لتمكنه من انهاء الاحتلال الاسرائيلي بواسطة الجيش اللبناني ومقاتلي “حزب الله”، بل ايضا لأن الاجهزة الامنية تتصدى لأفراد التنظيمات الارهابية المتسللين اليه من حدوده الشرقية مع سوريا، وعلى الاخص من جرود عرسال، ومن نقاط أخرى من الحدود التي تمتد على طول 375 كيلومترا، اضافة الى ان عناصر الحزب يقاتلون الى جانب النظام ضد “داعش” و”النصرة” وسواهما.
ونصحت قيادات سياسية مستقلة بالافادة من زيارة ظريف وبأن يكون جدول المحادثات معه استثنائيا وليس عاديا، وأن يطلب المسؤولون منه وهم رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة تمام سلام ووزير الخارجية جبرن باسيل الاخذ في الاعتبار وضع البلاد وربطه بالمبادرة التي وضعتها بلاده لحل الازمة السورية التي لم تلحظ عودة اللاجئين السوريين في لبنان الى ديارهم، بل اكتفت بمرتكزات مبنية على وقف اطلاق النار، وتشكيل حكومة وحدة وطنية موسعة وانتقالية تنسجم مع روحية اتفاق جنيف الاول وأن تدرس الحكومة الاصلاحات الدستورية وتضع خريطة طريق لإقرارها، يلي ذلك انتخابات تشريعية فرئاسية في مهلة ثلاث سنوات.
وسيطرح ظريف امكان انضمام لبنان الى “مجمع للحوار الاقليمي” في المنطقة تسعى بلاده الى تشكيله وفق أهداف مشتركة ومبادئ عامة تعترف بها دول المنطقة” من أجل التعامل في ما بينها وفقا لظريف. ولفتت الى أنه اذا اكتفى المسؤولون الذين سيقابلهم يوم الثلثاء المقبل بالاستماع الى شرح لـ”المبادرة” التي وضعتها بلاده والوقوف على رأي لبنان فيها، تأييدا لها كما وردت او لادخال تعديل على بعض فقراتها واقتصار البحث معه فقط على عرض حجم أزمة اللاجئين وتقصير بعض الدول المانحة وعدم ايفائها بما وعدت به من أموال، مما يؤذي اللاجئ في معيشته اليومية وفي طبابته وفي تعليم أبنائه، فهذا يعني ان نتائج الزيارة محدودة، وهي للاطلاع على حركة الاتصالات التي تقوم بها ايران مع كل من روسيا وسوريا وسلطنة عمان كساعي بريد مع السعودية.
ودعت الى الطلب من ظريف أن تبدّل بلاده موقفها من الاستحقاق الرئاسي لجهة انه شأن لبناني وانها لا تتدخل فيه وأن في وسع طهران ان تسهم في شكل فعال في انتخاب رئيس للجمهورية وتكون بذلك ساهمت في انقاذ المؤسسات التي أصابها الشلل، وأبرزها مجلس النواب، وتعذر تعيين نصف عدد سفراء في السلك الديبلوماسي بعد الاحالات على التقاعد وشغور سفارات بارزة في الخارج، اضافة الى الخلل في تعيينات القيادات الامنية، مع اقتصاد تراجعي وموسم سياحي متواضع.
واشارت الى ان ظريف يزور بيروت الثلثاء لأول مرة بعد التوصل الى التفاهمات مع الدول العالمية الست حول برنامج بلاده النووي، وكان قد زارها في 14 كانون الثاني 2013، وتندرج زيارته في اطار جولته على الدول العربية التي شملت الى الآن الكويت والعراق وقطر وسلطنة عمان. والهدف المعلن لجولته هو طمأنة الدول المجاورة الى أن التوصل الى تفاهم حول البرنامج النووي لا يشكل أي خطر على الدول العربية الجارة، ولا سيما انه صاحب شعار “الجار ثم الدار”، ويعتبر هذه التوصية الاخلاقية “أولى أولويات ايران “وتنشد علاقات طيبة ووطيدة مع جيرانها”.