حصر الموارنة الاربعة الذين اجتمعوا في بكركي الزعامة بأنفسهم وحصروا الترشيح الرئاسي بهم رافضين الافساح في المجال امام اي طامح خامس بحلم الوصول الى قصر بعبدا. وبدأ المشوار. المشوار الطويل والمليء بالاشواك، والذي يكشف خبايا الاخرين وخفاياهم.
مرشحان من فريق 14 اذار. واثنان من 8 اذار. الاولان هما الرئيس امين الجميل والدكتور سمير جعجع. الاول رئيس حزب “الكتائب” والثاني رئيس “القوات”. الاول يعرف جيدا ان اسمه غير مطروح بجد. لم يرشح نفسه، وحزبه لم يرشحه رسميا. اراد الاحتفاظ بهذه الورقة. اما الثاني فجرب حظه في مجلس النواب، ولم يحصد اكثر من 48 صوتا غير قابلة للزيادة. استهلك فرصته. كسب فيها سياسيا.
ولمّا لم يعد لهذه القوى مرشحها، انتقل الدور الى الفريق المقابل. العماد ميشال عون مرشح منذ العام 1988. رشح نفسه، ودعمه تياره و”حزب الله” وكل من يدور في فلكهما، باستثناء الرئيس نبيه بري الذي لا يلتقي مع عون في الحد الادنى من التفاهمات المشتركة. لم يتمكن من ضمان اكثرية تنقله الى بعبدا فظل مقاطعا جلسات الانتخاب مدى سنة ونصف سنة. وبدت فرصته تتلاشى، لكنه يرفض باستمرار القبول بهذا الواقع، ويعتبر ان متغيرات المنطقة تصب في مصلحة الفريق الذي ينتمي اليه، وهي تاليا تقرب المسافات بينه وبين قصر بعبدا.
لكن المفاجأة جاءت من الرئيس سعد الحريري الذي رشح النائب سليمان فرنجيه، رابع الاربعة، والعضو الفاعل في فريق 8 اذار. وقع الصدام، او لنقل التباعد مع عون. وبدا فرنجيه قادرا على كسب الاصوات الكافية لجعله رئيسا. تحرك “حزب الله” وعون سريعا لاقفال الطريق في وجهه. واستنفر هذا الترشيح جعجع الذي اعلن في مفاجأة ثانية، دعمه ترشيح عون والاتفاق معه على سلسلة نقاط للمستقبل.
الخلاف بين عون وفرنجيه يحرم كليهما بلوغ قصر بعبدا. عون لا يجرؤ على المشاركة في جلسة خوفا من الوقوع في فخ الاتيان بفرنجيه رئيسا. اذن فهو يستنفد ترشيحه الذي سيضعف مع الوقت، ولن يكون وصوله سهلا في ظل معارضة “المستقبل” و”امل” والاشتراكي والكتائب والمستقلين. واقناعه (الصعب) بالتخلي عن الرئاسة سيقابله شرط سحب فرنجيه من السباق لئلا يكون قد سقط امامه، وحقق الحريري انتصارا عليه وعلى “حزب الله”. اذن فرصة مرشحي 8 اذار تتلاشى ايضا.
هكذا يبدو ان الفرسان الاربعة سقطوا، او هم على وشك السقوط، وسقوطهم ما هو الا مسألة وقت، بعدها يبدأ البحث في خيارات جديدة واسماء جديدة من خارج الاربعة “الكبار”، لنكتشف ان اتفاقهم في بكركي كان خطأ كبيرا احتاج تصحيحه الى حرق الاربعة. هل يمكن القول بعدها ان مسيرة الرئاسة بدأت فعليا، ويمكن البحث في اسماء ووجوه جديدة تكون مقبولة من الاقوى؟