عملا بمقولة «راحت السكرة واجت الفكرة» مع انتهاء المظاهر الاحتفالية التي كان آخرها في بيت الشعب الاحد، انطلق مشوار التأليف بعد التكليف المحسوم سلفا، مع مفاجأة الرئيس بري بتسمية الرئيس الحريري، على وقع مطالبات الاطراف بالجملة بحصتها في حكومة الوحدة الوطنية، وفاء لوعد من هنا والتزاما باتفاق من هناك، في ظل رفع السقوف الواضح يطرح التساؤلات حول صحة المتداول عن ولادة حكومية قبل ذكرى الاستقلال في 22 تشرين الثاني.
العونيون الذين يرمون كرة المطالب في وجه الرئيس المكلف، الذي تصر مصادره على ان الاخير سيعتمد التوازنات الوطنية المعروفة في تشكيلته ولن يدخل في لعبة تغييرها، متفهما المطالبات بالحصص الفضفاضة والحقائب السيادية، حسموا على ما يبدو معضلة اساسية داخل البيت البرتقالي، عنوانها باسيل-روكز، اذ تكشف مصادر قريبة من القصر الجمهوري ان اتفاقا جرى على عودة الوزير باسيل الى الحكومة، مبدئيا الى الخارجية، في حكومة الاعداد للانتخابات عن حصة التيار الوطني الحر ، على ان يتولى اورثوذكسي وزارة الدفاع من حصة رئيس الجمهورية، بعدما قررت كريمة العماد عون ميراي العزوف عن التوزير، لصالح السيدة ليلى الصلح حمادة، وتفضيلها البقاء الى جانب الجنرال كمستشارة على ما كانت في الرابية، فيما يتفرغ العميد شامل روكز للمقعد النيابي الماروني الذي شغر في كسروان مع انتخاب العماد عون رئيسا.
وتتابع المصادر ان الاتجاه السائد هو نحو اجراء انتخابات مبكرة في كسروان عن المقعد الماروني، وفي طرابلس عن المقعد الارتودكسي بعد قبول استقالة النائب فاضل. واشارت المعلومات الى ان تلك التسوية تحقق مطلباً اساسياً داخلياً وخارجياً بعدم احراج قائد الجيش العماد جان قهوجي لاخراجه في حال تعيين العميد روكز وزيرا للدفاع، اذ سيجد القائد نفسه ملزما ادبيا بالاستقالة بعدما عين مرؤوسه رئيسا لسلطة الوصاية التي يتبع لها.
اما في ما خص مرحلة ما بعد الانتخابات، فان الامور معلقة على ما قد يتخذه التيار الوطني الحر من اجراءات في ما خص فصل النيابة عن الوزارة، كاشفة ان الصهرين لن يكونا نائبين او وزيرين سوية، وان احدهما سيكون حكما من حصة الرئيس المفصولة عن حصة التيار الوطني ككتلة وكحزب سياسي له وزنه في التركيبة الداخلية، مشيرة في هذا الاطار الى ان العميد روكز غير منتسب الى الحزب ولا يمثله لا في النيابة ولا في الوزارة.
على صعيد متصل، واذا كان الكثير من المراقبين يعتقدون ان احدا لن يستطيع تحمل مسؤولية ايقاف اندفاعة العهد الجديد او عرقلته أو تطويقه، تبرز الى الواجهة مشكلة القوات اللبنانية التي اعتبرت نفسها ابنة العهد المدللة، وسط «نقزتها» من محاولات عرقلة العماد عون ومنعه من الوفاء بالتزاماته، بعد الفيتوهات المتتالية تارة عن توليها وزارة امنية، وطورا عن اسناد الخارجية اليها، بعدما تراجعت عن المالية لكي لا تكسر الجرة مع رئيس مجلس النواب.
وفي هذا الاطار تكشف المعلومات عن ان العشاء الذي جمع الشيخ والحكيم في بيت الوسط، تناول مسالة تمثيل القوات اللبنانية وحصتها، حيث تعتبر مصادرها انه آن الاوان لتحصل على حقها بعدما كان الفضل الاكبر لها في حلحلة الازمة الرئاسية، سواء لجهة سير بيت الوسط بالجنرال او «حشر» الحزب للتصويت للعماد.
على هذا الصعيد تكشف المعلومات ان وساطة الرئيس المكلف مع رئيس المجلس حول حصة القوات تصطدم بفيتو اساسي من حزب الله الذي يرفض بشكل قاطع ان تؤول الوزارات الامنية او الخارجية الى فريق من غير خطه او محوره مهما كان الثمن، معتبرا ان ذلك خط احمر ذلك انه كان سبق وابلغ العماد عون انه غير ملزم بأي اتفاق ثنائي مع اي طرف كان، في مقابل اصرار قواتي على حصة كاملة في «الشركة»، لن يرضى لها الرئيس عون بدونها، كاشفة عن استمرار التنسيق اليومي بين بعبدا ومعراب، التي ينتظر ان يزور حكيمها القصر الجمهوري للتهنئة خلال ساعات، عن طريق الثنائي كنعان-رياشي، الذي دخل على خط توزيع الوزارات داخل الحكومة الجديدة، تنفيذا للاتفاق المبرم حول حصول القوات على وزارة سيادية.
في التأليف غدا يوم آخر تتفعل فيه الاتصالات واللقاءات، لتدور دورتها من جديد خالطة الاوراق، من أجل بلورة تصور أو أكثر، للحكومة المنشودة، التي يفترض ان يكون الرئيس المكلف رسم خطوطه الاولى ليعرضها مع الرئيس ميشال عون ، ليخرج دخان « الخلطة السحرية، الابيض من قصر بعبدا.