IMLebanon

هل تقود فرنسا إعادة رسم أولويات الأزمة السورية؟

تشهد دول المنطقة وعواصم غربية عدة تحركات ولقاءات سياسية وأمنية وديبلوماسية كثيفة لا سابق لها، بعد الأحداث الأمنية الأخيرة والتظاهرات التي عمّت باريس وعواصم أخرى.

بعض تلك اللقاءات كان مبرمجاً سابقاً، كاللقاء الذي عُقد في جنيف بين وزير الخارجية الأميركي جون كيري ونظيره الإيراني محمد جواد ظريف، للبحث في تزخيم المفاوضات في ملف طهران النووي.

وفيما يتوقع مراقبون سياسيون في واشنطن أن تُسهم الأجواء التي تحيط باجتماعات الاحد بين القوى الكبرى وإيران في جنيف، في إعادة رسم خطوط سياسية عدة، يعتبرون أنّ ازدياد الضغوط على طهران، سواء الناجمة عن انهيار أسعار النفط او التطورات الأمنية والعسكرية في كل من العراق وسوريا، قد تعيد خلط أوراق سياسية عدة، ستجد صداها أيضاً حتى داخل إيران نفسها.

على صعيد آخر، تتوقّع تسريبات سياسية وإعلامية عدة تطورات سياسية وأمنية وعسكرية على درجة كبيرة من الأهمية ستُحرّك عدداً من الملفات، في مقدمها ملف الإرهاب والحرب على «داعش» وارتباطاته بالأزمة السورية، والحرب في العراق، فضلاً عن الأزمة الليبية.

كان لافتاً الانتقاد الصريح الذي وجّهه الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، من على متن حاملة الطائرات «شارل ديغول» المتوجهة الى المنطقة، للسياسة الأميركية التي «اختارت التراجع في اللحظة الأخيرة عن القيام بعمل عسكري في سوريا صيف 2013 بعد استخدام السلاح الكيماوي فيها».

ويربط البعض هذا الانتقاد بتصريحات ومواقف تكشف عن نيّة «لتعديل» جدّي في السلوك السياسي الذي أُدير من خلاله ملف الأزمة السورية طوال الأعوام الأربعة الماضية.

في هذا الوقت، أعلن البيت الأبيض أنّ الرئيس باراك أوباما سيبحث مع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون في واشنطن قضايا الأمن الإلكتروني وملف إيران والحرب ضد «داعش»، فضلاً عن الدور الروسي في الأزمة الأوكرانية.

وكان أوباما تعهّد أمس الاول بالتعاون مع الكونغرس الأميركي الجديد للحصول على تفويض رسمي يجيز استخدام «القوة العسكرية» ضد «داعش»، الأمر الذي قابله قادة الكونغرس بالترحاب، معتبرين ذلك دليلاً مشجعاً على إمكان التعاون بينهما في المرحلة المقبلة.

كذلك، كشفت القيادة الأميركية الوسطى في اليوم نفسه أنّ مندوباً عنها عقد مع الموفد الأميركي الخاص الى سوريا دانييل روبنشتاين، إجتماعاً مع وفد من ممثلي المعارضة السياسية والعسكرية والمجتمع المدني السوري في اسطنبول، وبحث الجانبان في سبل البدء في تطبيق برنامج الكونغرس لتدريب المعارضة السورية المعتدلة وتجهيزها.

وفي السياق، كشف وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو أنّ بلاده اتفقت مبدئياً على بدء تدريب 5000 جندي من المعارضة السورية وتجهيزهم، وأنّ طريقة تطبيق الحظر الجوي لا تزال تُبحث، فيما الجميع يسأل من سيتولّى تحقيق الأمن في المنطقة الآمنة.

وأكد رفض تركيا تسليم المناطق التي يخليها «داعش» للنظام السوري، مشدداً على أنّ أي مبادرة سياسية لحل الأزمة في سوريا يجب أن تستند إلى «جنيف 1» القائم على تشكيل هيئة حكم إنتقالي.

وفيما أعلنت موسكو أنّ الإجتماع الذي ترعاه بين النظام السوري والمعارضة سيعقد «بمَن حضر»، في ما يشبه النعي الرسمي لمبادرتها «السلمية»، يتحدث البعض في واشنطن عن عدم ضرورة بذل أيّ جهد لإنقاذ تلك المبادرة التي ولدت ميتة، فيما التطورات السياسية والعسكرية قد أطاحتها قبل أن تبدأ.

يتوقع بعض العارفين أن يشهد ملف الأزمة السورية زخماً مختلفاً، خصوصاً على صعيد الموقف من النظام ورئيسه، معتبرين أنّ كلام هولاند الواضح في هذا المجال ستكون له تداعيات كبيرة على إدارة هذا الملف، خصوصاً أنه ترافق مع كَشف مدير الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الخارجية الفرنسية جان فرنسوا جيرو، أنّ زيارته الأخيرة إلى طهران لم تُفضِ الى شيء في ملف انتخاب رئيس جمهورية جديد في لبنان، لإصرارها على ربطه بالأزمة السورية.

فهل تحمل الأيام المقبلة مفاجآت تعيد خلط عدد من ملفات المنطقة ؟