Site icon IMLebanon

هل جمّد الحريري صفقة الرملة البيضاء المشبوهة؟

علمت «الأخبار» أن رئيس الحكومة السابق سعد الحريري طلب من محافظ بيروت زياد شبيب تجميد صفقة الرملة البيضاء، قبيل أربعة أيام من موعد انتخابات بلدية العاصمة. ويثبت ذلك أن قرار التصرف بالعقارات الثلاثة التي جهّزت بلدية بيروت عقد شرائها لا يزال في يده، و»المنفعة العامة» ليست سوى منفعة خاصة بقيمة 120 مليون دولار

صفقة شراء بلدية بيروت للعقارات الثلاثة على شاطىء الرملة البيضاء بقيمة 120 مليون دولار تتفاعل، بعدما بينت الوثائق التي نشرتها «الأخبار» السبت الماضي أن ملكيتها لا تزال لآل الحريري ولو بوجه مموه يدعى وسام عاشور.

وأظهرت الوثائق أن الأمين العام للشؤون المالية في تيار المستقبل، المستشار المالي الخاص للرئيس سعد الحريري، وليد سبع أعين، يحمل توكيلاً عاماً وشاملاً ومطلقاً بكل ما يملكه عاشور، «المالك الرسمي» للعقارات.

فضح هذه الوقائع دفع الحريري الى الردّ على سؤال عن شاطئ الرملة البيضاء، لدى استقباله وفداً من أهالي بيروت السبت الماضي، بالقول: «الرملة البيضاء ستبقى لأهل بيروت ولا شي سيتغير. سيبقى الشاطئ لأهل بيروت. رفيق الحريري اشتراه لذلك، وهكذا سيكون». اذاً، اعترف الحريري ضمناً بأنه لا يزال صاحب القرار في شأن هذه العقارات. ويمكنه تالياً، بعيداً عن المتاجرة بملك البيروتيين العام، وهب الأرض الى البلدية من دون الحاجة الى تكبيدها 120 مليون دولار من جيوب سكان العاصمة، أي بسعر مضاعف 10 مرات عن السعر الأصلي الذي بيعت الأرض به، فضلاً عن أن العقارات التي أرادت البلدية شراءها غير صالحة للاستثمار ويحظر القانون البناء عليها أو إقامة أي منشأة فوقها.

موقف الحريري الأخير لم «يقرَّش» على أرض الواقع بعد، غير أن معلومات المقربين منه تشير الى ايعازه الى محافظ بيروت زياد شبيب بتجميد الصفقة. فهل يعلن ذلك عشية موعد الانتخابات البلدية في بيروت، ويقرنه بقرار اعادة الأملاك الى وكيلها الأصلي، أي الشعب، من باب ارضاء الرأي العام، أم أن الأمر سيكون بمثابة «ابرة مورفين» لاسكات النقمة الشعبية حتى انتهاء الانتخابات؟

علما أن الحريري الذي يعاني عجزا ماليا دفعه الى الاسراع في عقد الصفقة أملا بتمويل الانتخابات من خلالها، اصطدم بأربعة جدران دفعة واحدة، وكان لا بدّ من التراجع خطوة الى الوراء تفاديا للأسوأ:

ــــ أولا، رئيس مجلس النواب نبيه بري المصّر حتى الساعة على رفض مبدأ شراء الأرض، وقد ظهر ذلك عبر اعتراض عضو المجلس البلدي المحسوب عليه فادي شحرور في الجلستين الأخيرتين.

هل يكون تجميد الصفقة «ابرة مورفين» لاسكات النقمة الشعبية الى حين انتهاء الانتخابات

ــــ ثانيا، دخول النيابة العامة المالية على الخط عبر القاضي علي ابراهيم، الذي طلب نسخة عن محضر الجلسة التي اتخذ خلالها قرار شراء العقارات الثلاثة. وتقول المعلومات إن محافظ بيروت سلّم ابراهيم أمس نسخة عن الملف. اشارة هنا الى أن المحافظ كان قد أرفق مسودة عقد الشراء بكتاب يوضح فيه إعداد الادارة (أي المحافظ) لعقد الاتفاق اللازم بما يتوافق والمادة الأولى من القرار الرقم 284 (الصادر يوم 21 نيسان 2016، والمتضمن موافقة المجلس البلدي على شراء العقارات) وفقا للسعر الوارد في كتاب وكيل مالكي العقارات (لم يأخذ شبيب في الاعتبار التلاعب الحاصل في صياغة الجمل ما بين القرار 284 ومحضر الجلسة الأصلي التي أوصى فيها المجلس البلدي بتكليف المحافظ التفاوض مع أصحاب العقار). وقد حرص شبيب في الكتاب نفسه الذي تجاوب فيه مع طلب حمد على الكسر والجبر في آن واحد: عرض «النظر الى المشروع من زاوية ما تملكه البلدية من خيارين، استملاك العقارات كليا أو جزئيا بموجب مرسوم يصار بعده الى تحديد التعويض العادل من قبل لجنة الاستملاك»؛ أو «متابعة السير بالطريقة التي قررها المجلس البلدي، أي بالشراء بالتراضي». لم يتخذ المحافظ قراراً. أدى دور ساعي البريد، مستجيباً لقرار المجلس البلدي بإعداد العقد، من دون ان يمارس أي صلاحية ممنوحة له، فيرفض سير المجلس البلدي بالصفقة المشبوهة، ويكتفي بلفت نظره إلى وجود خيار آخر، وهو الاستملاك الذي يوفّر عشرات ملايين الدولارات من اموال سكان العاصمة.

ــــ ثالثا، تحرك وزير الأشغال العامة والنقل غازي زعيتر، الوزير الوصي على الأملاك البحرية، لمواجهة البلدية بالقانون لاستعادة الملك العام. وقد أكد زعيتر لـ»الأخبار» أنه «عندما يتعلق الموضوع بكل ما يخص الوزارة، أو ما للوزارة صلاحيات عليه، تحركنا فيه يكون فوريا وايجابيا».

ــــ رابعا، لم يعد يمكن للحريري، بعد فضح ملكية عائلته الأصلية للعقارات الثلاثة على الرملة البيضاء، التلطي وراء عاشور. وبات لزاما عليه لفلفة فضيحة الاستيلاء على مسبح البيروتيين الشعبي وخفض منسوب احتقان الناخبين وخصوصا أن خمسة أيام فقط تفصله عن الانتخابات البلدية.

من جهة أخرى، سارع النائب وليد جنبلاط الى تناول الموضوع يوم أمس قائلا: «الموضوع الأهم وقف المقامرة بمصير شاطئ الرملة البيضاء ووقف التعويضات الخيالية على حساب المكلف البيروتي». علما أن العضو المحسوب عليه في المجلس البلدي منيب ناصر الدين تغيب عن حضور جلسة اقرار العقد، برغم حضوره لكل جلسات الاشغال والتخطيط في البلدية (يرأسها بلال حمد) حيث طبخت «الصفقة» قبل أن تطرح بصيغة متكاملة على المجلس البلدي. ويصدف أن ناصرالدين، على ما يقول زميله في اللجنة، «كان قد كلّف تخمين سعر المتر في عقارات الرملة البيضاء وفق الخبراء العقاريين، وعاد بسعر يراوح بين 5500$ و7000$ للمتر الواحد قبل أن يتبين أن محضر الجلسات لا يضم أي شهادات تخمين تذكر»!