IMLebanon

هل يُنجز الحريري المهمّات التي عاد من أجلها؟ اعتبار “حزب الله” متمهّلاً ينسف تهمة التعطيل

بعدما دأبت كتلة “المستقبل” على تحميل “حزب الله” مسؤولية تعطيل انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وتحديداً منذ تبدّى أن مرحلة الشغور ستطول، وامتناع الحزب عن تأمين نصاب جلسات الانتخاب التي بلغ عددها 35 جلسة، وبعدما جدد رئيس “التيار الازرق” هذا الاتهام في مهرجان البيال عندما دعا للنزول الى المجلس لانتخاب رئيس، “إلا إذا كان مرشحكم الفراغ”، أطل الرئيس سعد الحريري بعد يومين على عودته ليرفع التهمة عن الحزب، ناسفا كل المنطق الذي حكم موقف “المستقبل” طوال مرحلة الشغور، عندما قال ان الحزب يستمهل في الملف الرئاسي.

بدا لافتا أن هذه الانعطافة لا يمكن أن تمر عادية، أو أن تكون وليدة لحظة سياسية. فالحريري العائد الى بيروت بعد اعوام على غياب قسري فرضته ظروف أمنية تهدد حياته، لم يحصر العودة في إحياء الذكرى الحادية عشرة لاستشهاد والده الرئيس رفيق الحريري، ولا كذلك بالمهمات العلنية التي كشفها في خطاب إحياء الذكرى في البيال، والهادفة إلى شد عصب الجمهور المستقبلي خصوصا والآذاري عموما، أو إعادة اللحمة إلى قوى الرابع عشر من آذار بعد حال الوهن والتفكك الذي أصابها. فعلى أهمية هذه المهمات التي تتطلب جهوداً أكبر وأخطاء أقل لتحقيقها، بدا أن ثمة مهمة كبيرة يسعى الحريري إلى تحقيقها وتتمثل في استعادة زمام المبادرة في الملف الرئاسي بعدما فقدها نتيجة “إعلان معراب” الذي أعاد الملف إلى الحضن المسيحي أولا، وسحب البساط من تحت ترشيحه للنائب سليمان فرنجية. لم تفت الاوساط “القواتية” والعونية على السواء تلقف المحاولة الحريرية التي وضعوها في خانة ضرب مصالحة معراب.

أعطى الحريري إشارتين إلى رغبته في إطلاق مبادرة رئاسية تؤدي إلى تحريك الاستحقاق وإخراجه من ثلاجة انتظار التطور الاقليمي، لكنهما إشارتان محليتان لا تشيان بأن ثمة راعيا إقليميا يقف وراءهما.

الإشارة الاولى تمثلت في إبدائه استعداده التام للنزول إلى المجلس النيابي لانتخاب رئيس، على قاعدة المرشحين الثلاثة المعلنين، وليربح من يربح، قال.

لكنه في الوقت عينه، ومع تأكيده أنه بموقفه هذا لن يعطل نصاب جلسة الانتخاب من خلال مشاركة المكون السني في الجلسة تأمينا لميثاقيتها، فتح الباب أمام مرشح رابع يمكن، إذا صدقت النيات، ان يدخل المعترك وصولا الى التصفيات الرئاسية النهائية.

اما الاشارة الثانية، فوجهها إلى “حزب الله” عندما اعلن ان الحزب ليس ضد انتخاب رئيس وإنما هو يستمهل لتبين الظروف.

لكن تلقف الاشارتين جاء سلبيا في الاوساط التي توجه إليها. فالاوساط العونية و”القواتية”، لم تقرأ في المبادرة الحريرية إلا ضربا لإعلان معراب في الجانب المتعلق بترشيح جعجع لعون. أما على مقلب “حزب الله”، فقد بدا من الكلمة الاخيرة لأمينه العام السيد حسن نصرالله، شيء من الاستكبار والاستهتار للمشهد الداخلي.

لم ينظر نصرالله إلى كلام الحريري، لا في الطرح الرئاسي ولا في رفع تهمة التعطيل عن حزبه. ظلت عينه على الاقليم حيث بدا منتشيا بالنصر المحقق بالنسبة إليه. حساباته باتت إقليمية. يوافق الحريري قوله بأنه متمهل في الداخل، وينتظر جائزته.

وعليه، فإن الوقت الفاصل عن جلسة الانتخاب في 2 آذار المقبل، غير كافية لإنضاج تسوية والتوافق على رئيس. ولا يكفي الحريري توافقه مع رئيس المجلس نبيه بري والنائب وليد جنبلاط لإنضاج التوافق على فرنجية، كما لا يكفي نزوله الى الجلسة وتأمين نصابها ليتم انتخاب رئيس.

فالحزب غير مستعجل رئاسياً، اما تعطيل جلسة 2 آذار فلا بد ان تصب في رصيد “المستقبل” الذي رمى الكرة في ملعب المعطلين. هنا يكسب الحريري.