إذا لم تكن جلسة 2 آذار المخصصة لانتخاب رئيس للجمهورية مختلفة عن سابقاتها شكلاً ومضموناً بعد اهتزاز الحكومة بحيث تكاد تسقط في أي لحظة فيبدأ الفراغ الشامل، وبعد اشتداد صراع المحاور في المنطقة، فإن اسئلة وتساؤلات كثيرة تطرح عندئذ منها الآتية:
1 – كيف يؤيّد “حزب الله” العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية ولا يرضى عنه بديلاً ولا يحضر نوابه أي جلسة من جلسات الانتخاب؟
2 – كيف يستمر “تيار المستقبل” في ترشيح النائب سليمان فرنجية للرئاسة ولا يحضر لا هو ولا نوابه الجلسة لانتخابه، وكيف تستمر “القوات اللبنانية” في ترشيح العماد عون وهو لا يحضر مع نوابه جلسة انتخابه أيضاً؟
3 – كيف تكرر ايران القول إنها لا تتدخل في شؤون لبنان الداخلية ولا سيما في الانتخابات الرئاسية، وهي تؤكد هذا التدخل بمنع نواب “حزب الله” من حضور جلسات الانتخاب وتجعل حليفي الحزب عون وفرنجية يتضامنان مع الحزب مسايرة لإيران وحباً بالوصول الى الرئاسة الأولى.
4 – أين أصدقاء لبنان، ولا سيما من لهم تأثير على إيران مثل أميركا وروسيا، لا يتدخلون لديها ليحملوها على القبول بفصل أزمة الانتخابات الرئاسية في لبنان عن أزمات المنطقة، ولا سيما عن الأزمة في سوريا، إذا كانوا يريدون فعلاً لا قولاً دوام الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي له؟
إن المطلوب في جلسة 2 آذار اختبار قوة المرشحين الثلاثة، لا سيما عون وفرنجية، فلا يظل كل واحد منهما يدّعي أنه هو الأقوى وأنه يمتلك أصواتاً نيابية تفوق أصوات غيره، ولا شيء يحسم هذا الادعاء سوى النزول الى مجلس النواب وانتظار نتائج الاقتراع السري لا العلني وهو غالباً ما يكون مغشوشاً أو مرائياً كي يبنى على هذه النتائج ما يلزم. فإما الاتفاق على أن ينسحب المرشح الذي نال أصواتاً أقل لمن نال أصواتاً أكثر منه، وإما أن يصار الى البحث عن مرشح تسوية يتم انتخابه بشبه اجماع إذا تبيّن أن أياً من المرشحين عون وفرنجية لم يستطع الفوز بأكثرية الأصوات النيابية المطلوبة أي 65 صوتاً. هذا اذا كان القادة في لبنان يريدون فعلاً تخليصه من أزمة انتخاب رئيس له قبل أن يولّد استمرارها أزمات تذهب بلبنان نحو المجهول.
أما اذا لم يفعل القادة في لبنان ذلك لأي سبب من الأسباب، ومنها أن بعضهم منقاد لخارج وينتظر كلمته، فما على الدول الشقيقة والصديقة عندئذ سوى التدخل بضغط سياسي واقتصادي لجعل إيران تسهل انتخاب رئيس للجمهورية ولا تنتظر مكافأة مسبقة على ذلك أو قبض ثمن يجعل لها دوراً ونفوذاً في المنطقة.
ولا شك أن في استطاعة أميركا وقد عقدت اتفاقاً نووياً مع إيران قالت إن المنطقة ستنعم بعده بالهدوء والأمن، وتكون إيران عامل استقرار فيها لا عامل زعزعة له، وروسيا تدخلت عسكرياً في سوريا لتجعل إيران تطمئن الى وضعها ودورها فيها، التأثير على إيران وتجعلها تسهل انتخاب رئيس للبنان لا يشكل انتخابه كسراً لأحد كما قال الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله نفسه، لأن لبنان كما هو معلوم لا يحكم بسياسة الغالب والمغلوب بل بسياسة التوافق والتسويات التي لا يصلح لممارستها سوى المرشح المستقل عن 8 و14 آذار أو يقف بينهما على مسافة واحدة.
الواقع أن أحداً لا يصدق قول إيران أنها لا تتدخل في موضوع الانتخابات الرئاسية، وهي قد تدخلت في ما هو أهم منه. أفليست هي التي جعلت حرب تموز عام 2006 تقع بين “حزب الله” وإسرائيل حتى من دون علم الحكومة اللبنانية، فقضت على موسم الاصطياف في لبنان الذي كان السيد نصرالله نفسه قد وعد بأن يكون ناجحاً؟ أفليست هي التي طلبت من “حزب الله” التدخل عسكرياً في سوريا لمساندة نظام الأسد والحؤول دون سقوطه وإن على حساب الوحدة الداخلية في لبنان ومن دون أخذ موافقة الحكومة اللبنانية ولا إعطاء ولو مجرّد علم للجيش اللبناني لتأكيد قدسية ثلاثية “الجيش والشعب والمقاومة”، ولا حتى احترام البيان الوزاري للحكومة الذي قرر التزام سياسة “الناي بالنفس”؟
فهل تكون جلسة 2 آذار، لكل هذه الأسباب الموجبة، مختلفة عن الجلسات السابقة، وتكون نقطة انطلاق للخروج من الأزمة الرئاسية بحضور كل النواب هذه الجلسة وانتخاب المرشحين المعلنين وغير المعلنين، أو الاتفاق على مرشح يفوز بشبه اجماع اذا تعذّر فوز أي مرشّح، وإلا كان المستمرون في المقاطعة ومعهم إيران هم المسؤولون عن استمرار الشغور الرئاسي وعن الذهاب بلبنان الى المجهول…