Site icon IMLebanon

هل تستثمر القوى «السنية» اللبنانية انتصار أردوغان؟

قارب الشارع السني اللبناني بمعظم أطيافه فشل الانقلاب العسكري في تركيا بمظاهر احتفالية تشي بها اللافتات المرفوعة والاعتصامات والصلوات التي أقيمت والمواقف المستمرة.

لكنّ مظاهر الفرح تلك تطرح سؤالاً حول ماهية القوة السنية في لبنان التي تتماهى اليوم مع «حزب العدالة والتنمية»، أو تشبهها، لناحية الطروحات العقائدية، أو لناحية التوجه السياسي.. وما إذا كان هذا الأمر سيعزز حضورها اللبناني؟

يطرح «العدالة والتنمية» نفسه حزباً «إخوانياً» بثياب «مودرن»، لكنه يملك رؤية مجددة في الفكر الإسلامي وبراغماتية الى الحد الذي يقبل فيه، ربما رغماً عنه، بعلمانية الدولة التركية. عند هذا الحد، يقف التيار الأكبر على الساحة السنية في لبنان، أي «تيار المستقبل»، رافضاً فكرة العلمانية، «التي تتخطى حدود المدنية التي نؤمن بها»، حسب قيادي «مستقبلي» في إطار نفيه للتشابه الكبير بين تياره والحزب التركي.

رفض «المستقبليين» تماهيهم مع الأردوغانية لا يمنع «الجماعة الإسلامية» من اعتبار نفسها بمثابة الطفل الشرعي لـ «الإخوان» الأتراك مع اشتراكها وإياهم في «مدرسة فكرية واحدة»، حسب «الجماعة» التي تنظر الى «العدالة والتنمية» لكونه أخاً أكبر لها في تنظيم «الإخوان المسلمين» العالمي.

هذا الأمر ينظر إليه «المستقبليون» بكونه أمراً غير منطقي مع رفض «الجماعة» لعلمانية الدولة التي يشارك فيها الحزب التركي. لكن «الجماعة» تشير الى هذا الأمر كونه تعبيراً «براغماتياً» من قبل التنظيم التركي الذي نشأت تجربته في ظل دولة محكومة بدستور علماني، لا يمكن للحزب التركي الخروج عليه.

ومع تشديد «المستقبليين» على أنهم تيار مدني عابر للطوائف، يقبل بها على اختلافها، فإنهم في المقابل، يُقرّون بأن غالبية المنتمين اليهم هم من الطائفة السنية، مثلهم مثل الحزب التركي الذي يشترك معه «المستقبليون» بـ «اعتدالهم» الذي يتمسكون به، مع رفض وصفهم بـ «الحزب السني».

من جهتها، تذهب أوساط مقربة من الرئيس نجيب ميقاتي، الى أن لا طرف لبنانياً يستطيع التماهي مع «العدالة والتنمية» التركي، من دون التغاضي عن ان إفشال الانقلاب التركي قد ترك أثراً طيباً لدى شرائح واسعة في الطائفة السنية التي تشعر بحاجتها الى «التظلل بمظلة» إقليمية ما، سعودية كانت أو تركية.

لذا، ثمة اختلافات جوهرية بين «الإخوان» الأتراك، ومعظم الشرائح السنية في لبنان، إذا ما استثنينا «الجماعة» وشرائح إسلامية على الساحة، وبينما تؤكد الأوساط المقربة من ميقاتي أن تركيا ولبنان لا يتشابهان ولكل بلد خصوصياته، تلفت النظر إلى أن لا قوة في لبنان تستطيع الإفادة من فائض ما في القوة التركية، لكون القوى على الساحة السنية لا تُعَدّ ترجمة لبنانية لـ «العدالة والتنمية» التركي.

الأمر نفسه يشدد عليه «مستقبليون» بقولهم إن لا مجال للتحدث عن حزب «عدالة وتنمية» لبناني، ومن غير المنطقي أن يعزز الحدث التركي مواقع الإسلاميين على الساحة اللبنانية، لكون التيار السني «المدني» هو الذي سيبقى سائداً في لبنان!

لكن «الجماعة» تحتفظ برأي آخر، ذلك أن «الانتصار» التركي سيرفد الشقيق اللبناني في التنظيم بجرعة شعبية إضافية، وقد سارعت الحركة الى النزول الى الشارع إثباتاً لذلك الانتصار واقتناصاً لتلك الفرصة.

ماذا عن لبنان في ظل الحدث التركي؟

ثمة رأيان على هذا الصعيد، أن القوى التركية ستلتفت الى الشأن الداخلي، أقله في المرحلة المقبلة، ولن يكون بمقدور الرئيس التركي رجب طيب أردوغان التطلع الى دور خارجي في ظل الانقسامات الداخلية. على هذا الصعيد، سيتأثر لبنان بهذا الانعزال التركي.

بينما يقول الرأي الآخر أن إجهاض الانقلاب سيكون له أثره في السياسة الخارجية التي ستشهد توسّعاً للدور التركي، وسيُترجم هذا الأمر حضوراً تركياً متزايداً في المنطقة، ولا شك في أن لبنان سيتأثر بدوره بأي نفوذ تركي أقوى من السابق، في وجه قوى إقليمية ودولية كان لها دور في محاولة الانقلاب.