IMLebanon

هل تؤدي مُبادرة عون «الرئاسيّة» الى «دوحة2»؟

مع استقرار الوضع الأمني على جبهة القلمون على واقع ميداني يعزّز فرص مواجهة التنظيمات الإرهابية المنشغلة بقتالها الداخلي، عادت مبادرة العماد ميشال عون «الرئاسية» إلى الواجهة، خاصة في ضوء الحديث السياسي المركّز حول الإستحقاق الرئاسي من قبل كل من رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة تمام سلام، وذلك في موازاة التحرّك «الميداني» لنواب تكتل «التغيير والإصلاح» باتجاه القيادات والكتل النيابية من دون استثناء. وفي الوقت الذي سُجّلت فيه تحفّظات على ما ورد في بنود هذه المبادرة، فقد اعتبرت مصادر وزارية أن الدخول في طروحات تمهّد لتعديل مواد في الدستور، هو في حدّ ذاته مغامرة غير محسوبة الأبعاد كونها تستدعي تطوّرات تتجاوز قدرة الساحة الداخلية على الإحتمال، مع العلم أن «الستاتيكو» الحالي يشهد استهدافاً على أكثر من جبهة سياسية وأمنية واقتصادية وتشريعية. ورأت هذه المصادر القريبة من تيار «المستقبل»، أن طروحات العماد عون أطلقت مرحلة جديدة من التصعيد على خلفية الدعوة إلى استفتاء شعبي لانتخاب رئيس الجمهورية، وهي لا تتناسب مع الواقع السياسي الحالي، حيث أن أكثر من حاجز يقف ما بين الطروحات والقدرة على الترجمة. وأضافت أن المهلة المشروطة التي منحها العماد عون إلى باقي القوى السياسية وهو يقصد فيها تيار «المستقبل» في الدرجة الأولى، كما كشفت المصادر الوزارية، ترسم أفقاً قاتماً لما ستكون عليه الحال في الأسابيع القليلة المقبلة عندما تنقضي المهل الدستورية أمام الحكومة لاتخاذ قرار في التعيينات الأمنية، كما أمام المجلس النيابي لعقد جلسة تشريعية.

في موازاة ذلك، فإن الضغط الناجم عن «التصعيد العوني» المعلّق حتى انقضاء المهلة المرسومة لتحرّك نوابه الذي بدأ على الساحة المسيحية في الدرجة الأولى، رأت فيه المصادر الوزارية نفسها، عملية شلّ للحكومة وليس نسفها ، وذلك قبل أن تتّخذ أي قرار مرتبط بالتعيينات الأمنية في حزيران المقبل، حيث أن موعد تقاعد المدير العام للأمن الداخلي اللواء ابراهيم بصبوص هو ليل الرابع والخامس من حزيران، ومن المتوقّع أن تعمد الحكومة إلى التمديد له قبل هذا التاريخ. وأضافت أن هذا التحدّي الصريح لن يقتصر على دفع «المستقبل» وفريق الرابع عشر من آذار إلى المواجهة المباشرة مع العماد عون داخل الحكومة، بل ربما سيطال حلفاء العماد عون الذين لا يزالون يؤكدون في مجالسهم الخاصة أهمية ودور قائد الجيش العماد جان قهوجي ودوره، لا سيما في مرحلة المواجهة المفتوحة مع الإرهاب في الداخل، كما على الحدود.

وانطلاقاً من هذه المعطيات، توقّعت المصادر نفسها، إعادة النظر من قبل أطراف سياسية بالتحالفات الراهنة داخل وخارج حكومة ربط النزاع، وذلك إزاء طروحات العماد عون المتعلّقة بالأزمة الرئاسية وقانون الإنتخاب وقانون استعادة الجنسية قبل التعيينات الأمنية. وقالت ان قوى بارزة في فريقي 8 و 14 آذار على حدّ سواء، توقّفت عند مبادرة العماد عون والتي شملت أكثر من ملف سجالي ومصيري مطروح منذ سنوات، وليس فقط منذ بدء الشغور الرئاسي. وبالتالي، اعتبرت أن ردود الفعل المسيحية الأولية على المبادرة ستحدّد مسارها، وذلك قبل أن تتوالى ردود الفعل الأخرى بعدما بات واضحاً أن السير في ما تطرحه من تعديلات دستورية، سيفرض أمراً واقعاً جديداً سياسياً وشعبياً قد يعيد عقارب الساعة إلى الوراء لجهة استحضار سجالات طائفية قد تودي بالوضع إلى مرحلة الإنفجار، إلا إذا جرى الإتفاق على دفع أثمان لم يعد من الممكن تفاديها من خلال الذهاب إلى تسوية سياسية شاملة لكل الملفات التي طرحها العماد عون، والتي قد تصل إلى مستوى اتفاق «دوحة2».