Site icon IMLebanon

هل يصمد لبنان حتى إنجاز التسوية الكاملة وحكومته رهن الترقيات والآلية والنفايات؟

ينقضي شهر ايلول مطيحاً كل الوعود التي اطلقها أكثر من مسؤول محلي مدى الاشهر القليلة الماضية، حيال انفراجات مرتقبة في الوضع اللبناني، استناداً الى معطيات اقليمية مرتبطة بمسار الاتفاق النووي، عززتها مواقف دولية تدفع في اتجاه الضغط لانجاز الاستحقاق الرئاسي، كمعطى أساسي لاعادة الانتظام الى المؤسسات الدستورية وتحصين الاستقرار السياسي والامني في البلاد.

أكثر ما يحبط في المشهد السياسي الداخلي، لا يقف عند حدود الاهتراء الذي أصاب المؤسسات الدستورية، فعطّل عملها وشلّ قدرتها على التشريع واتخاذ القرارات ورسم الاستراتيجيات الاقتصادية التي يحتاج اليها أي بلد منتج، وانما يتجاوز هذه الحدود ليبلغ حد تراجع الرعاية او الوصاية الخارجية التي وفرت شبكة الحماية والامان للبلاد في ظل القصور السياسي الداخلي عن ادارة شؤونها.

ففي حين كان رئيس الحكومة يعوّل من خلال حضوره كل النشاطات في الامم المتحدة مدى اسبوع كامل، على أن يرتقي بالملف اللبناني، بكل ما يحمله من ازمات ومخاطر لا تقتصر مفاعيلها على الساحة اللبنانية، الى مصاف الملفات المهمة التي تشغل الساحة الدولية، فان كل ما سيعود به لن يتجاوز التفهم والثناء والتقدير للأعباء الضخمة الملقاة على كاهل الحكومة، في ظل شغور رئاسي وشلل برلماني وأزمة لاجئين تخنق الاقتصاد والمجتمع المضيف. اما الخطوات العملية او الدعم المالي او حتى الضغط السياسي لفرض بعض الحلول التي تفتح ثغرة في جدار الازمة وتوفر بعضا من الاوكسيجين للجسم اللبناني العليل، فهذه أمور لا يبدو أنها في متناول رئيس الحكومة ليعود متسلحاً بها من أجل مواجهة تعقيدات الملفات الداخلية.

فالرئيس سلام العائد اليوم الى بيروت سيلقى القديم على قدمه، وقد زاد تفاقماً.

فلا خطة النفايات التي أقرّها مجلس الوزراء قبل نحو 3 اسابيع وجدت طريقها الى التنفيذ على رغم الجهود الجبارة التي يبذلها وزير الزراعة لتذليل العقبات أمامها، ولا حظوظ عقد جلسة لمجلس الوزراء، على ما كان سلام وعد قبيل مغادرته الى نيويورك، ارتفعت، بل انها تضاءلت بما ان العقدتين الاساسيتين في وجه الجلسة لا تزالان قائمتين: الترقيات العسكرية وآلية العمل الحكومي.

وبحسب المعلومات الواردة من نيويورك، أن رئيس الحكومة لا يزال يتريث في توجيه الدعوة الى عقد جلسة الاثنين المقبل، ولا سيما ان الجلسة المرتقبة غدا الجمعة لم تعد ممكنة بما أن سلام لم يدع الوزراء ولم يوزع جدول اعمال الجلسة. وتريّث سلام رهن حركة الاتصالات والمشاورات التي يعتزم القيام بها فور استئنافه نشاطه مع القيادات اللبنانية، علما انه كان تابع التطورات من نيويورك ولا سيما في ما يتعلق بالملفات العالقة، كالنفايات ومسألة الترقيات، ليبني على الشيء مقتضاه. وهذا ما يعني عمليا أن ازمة ترقية الضباط لا تزال تراوح مكانها بعدما انتقلت الكرة من ملعب “تيار المستقبل” المتهم بتباين والتباس في موقفه منها، الى ملعب العماد ميشال عون من جهة والمكونات المسيحية الاخرى من جهة ثانية، لتصبح المواجهة مسيحية – مسيحية بامتياز، بعدما نفض “المستقبل” يده منها من خلال تأكيد وحدة الموقف والخيار تحت سقف رئيس التيار سعد الحريري.

اما العمل فجارٍ الآن على الضفة المسيحية لاقناع حزب الكتائب ووزراء “اللقاء التشاوري” بالتسوية.

والمفارقة أن تلبية طلب العماد عون بأن تأخذ القرارات برأي مكوّن أو اثنين في الحكومة، ستؤدي حكما الى سقوط التسوية في مجلس الوزراء اذا ظل وزراء اللقاء او الكتائب على موقفهم.

وتعول مراجع سياسية على أن يؤدي هذا الأمر بعون الى اعادة النظر في آلية العمل الحكومي التي يقترحها لمصلحة العودة الى تطبيق ما ينص عليه الدستور في هذا المجال، بحيث تتخذ القرارات بالأكثرية او بالنصف زائد واحد، تبعاً لطبيعتها، مشيرة الى ان الاستمرار في وضع العصي في دواليب العمل الحكومي من جهة والبرلماني من جهة أخرى بات يرتب أضراراً فادحة على البلاد قد لا تقوى على الصمود في وجهها اذا طالت أكثر، ولا سيما ان تفجر أزمتي النفايات والكهرباء أبرز في شكل فاضح مدى العجز والقصور الرسمي في ادارة شؤون البلاد، فكيف وهي مقبلة على مرحلة من الانتظار والترقب قد تطول جداً حتى انقشاع أفق التسوية في المنطقة؟.