ليس لبنان اقطاعية حصرية مسجلة باسم الرئيس نبيه بري في الدوائر العقارية بملكية ٢٤٠٠ سهم على امتداد مساحة ال ١٠٤٥٢ كيلومتراً مربعاً! فلماذا يجد الرئيس نبيه بري نفسه مضطراً، وبخاصة في الأزمات الخانقة الى أن يحمل لبنان على ظهره، ويدور به من زاروب سياسي الى زاروب آخر ليحميه من غدرات الزمان والمحبين والمبغضين على حد سواء!.. بل ويسافر بحمله في أصقاع الأرض، كما يفعل اليوم في بروكسل، ليدرأ عنه الأخطار الراهنة والمستقبلية؟ ولماذا يكون الرئيس بري هو المسؤول الحصري الوحيد عن حقن رجل المنطقة المريض لبنان بأمصال تعزيز المناعة الوطنية، بينما يجلس كثيرون القرفصاء على رصيف الأحداث يتسايرون، أو يتصايحون، أو يتفرجون عليه وهو يركض في كل الاتجاهات توفيراً للحماية وعدم الانزلاق، بينما لا يتورع البعض عن رمي قشور الموز في طريقه!
***
مصير لبنان ليس مسؤولية نبيه بري وحده، ومن غير المقبول أن تتصرف قيادات لبنانية أخرى وكأنها غير مسؤولة عن المصير، وتحمله المسؤولية، لا لشيء الا لأنه كان المبادر الى اطفاء الحرائق، والى وصل ما انقطع، أو ما قد ينقطع من مكونات الوطن، والى القيام بدور رسول الحوار! أليس من الغريب والمذهل بل ومن المعيب أن يطلبوا من نبيه بري، ليس فقط جر الأحصنة الى النهر، بل اجبارها أيضاً على الشرب؟! وهل من مسؤولية بري وحده أن يحافظ على هذا الخيط الرفيع من الحوار بين حزب الله والمستقبل الذي أنقذ حتى الآن الساحات المتوترة من الفلتان والهيجان؟ وهل من المقبول أن يكتفي الآخرون ب ممانعته والتدلل عليه لمتابعة الحوار ولو شكلاً، دون أن يحسبوا أي حساب للتداعيات الكارثية؟!
***
أليس من المفارقات اللبنانية المرعبة أن يبادر مسؤولون كبار في لبنان الى التهديد باستقالة الحكومة أو باستقالتهم منها، وهم في موقع المسؤولية عنها، ويتصرفون وكأن مصير لبنان لا يعنيهم، مع علمهم بأن فرط هذه الحكومة على علاتها، هو الخطوة الأولى في فرط لبنان؟! وهل كتب على نبيه بري أن يحمل معه الخط الساخن دائماً الى غرفة نومه في عين التينة، أو الى غرفة نومه في جناح الفندق في بروكسل؟ وهل على بري وحده أن يكون غيوراً على الحكومة أكثر من الحكومة نفسها، ومن غالبية من الزعامات اللبنانية؟!
***
بينما كان الرئيس نبيه بري في بروكسل يعالج مشكلة لبنانية وعالمية عويصة تتعلق باللاجئين، وهي ليست بالضرورة من اختصاصه الحصري، فإنه يضطر الى استنساخ نفسه للعمل على جبهتين في وقت واحد: جبهة صون الحوار الثنائي في لبنان، وجبهة تحصين لبنان من طوفان اللاجئين! ليس هذا وحسب، بل انه يعمل في الوقت نفسه، على تحريك البرلمان الاوروبي والبرلمانات الاوروبية، لتحريك حكوماتها والعمل على وصل الحوار بين الرياض وطهران ضناً بالمصير العربي وحماية للبنان تالياً، وذلك لأن رسالة الحوار في نظره التزام لبناني وعربي واقليمي! ومع ذلك فان هذا الرجل الذي يباطح اليأس ويبطحه على أكثر من جبهة، يتحول الى حالم كبير وهو يكتب في السجل الذهبي للبرلمان الاوروبي: السياسة تتغلب على الجغرافيا والانسانية تتغلب على كل شيء!
***
اذا كان ساسة لبنان لا رحمة في قلوبهم لهذا الرجل، فليرحموا أنفسهم وشعبهم ووطنهم لبنان أولاً… –