اطمئنوا يا مسؤولي لبنان، لمس الشعب اللبناني بيديه مدى خوفكم عليه وعلى مصالحه، وشاهد بأمّ العين مدى حرصكم على أمن البلاد وازدهاره ورفاهية أبنائه… اطمئنوا، فقد بتم أنتم ووعودكم خلفنا، فقد كشفناكم على حقيقتكم بعد أن فضحتم نواياكم، وبرهنتم لنا أنكم لا تعتبروننا أكثر من مجرّد صراصير في باحات قصوركم.
اطمئنوا وناموا قريري العين على ورقة إصلاحاتكم ووعودكم، تغطّوا جيداً واغلقوا ستائر غرف نومكم حتى لا تزعجكم شمس الحقيقة عندما تشرق… فنحن لم نعد نخاف منكم، ولا نخاف من طائفيتكم، ولا من تهديداتكم، ولا من فسادكم وجهلكم وتقصيركم وخططكم الملتوية… نحن ببساطة لا نخاف، لأنّ هناك مؤسسة وحيدة باقية في لبنان عينها على الشعب المعتّر والموجوع، مؤسسة الجيش اللبناني، التي لم ولن تتركنا نقع ضحية مكائدكم وخططكم الجهنمية للتفريق بيننا وإثباط عزيمتنا.
هذا الشعب اليتيم من زعيم أو نائب أو وزير يطمئن الى أحواله بعدما تركوه لأكثر من 5 أيام في الشارع ينادي على آذان المسؤولين الصمّاء، شعر بالأمس أنّ الجيش اللبناني والده، ووالد جميع اللبنانيين الشرفاء الذين صلبوا حناجرهم على خشبة الحريّة ومشوا جلجلة الثورة من أجل القيامة بوطن يليق بأخلاق الشعب اللبناني وتاريخه وثقافته وحريته وعشقه للحياة.
شعر ملايين اللبنانيين المتجمهرين في كل ساحات لبنان، أنّ كل عنصر من الجيش اللبناني هو أب يقف على ناصية الشارع ينتظره للعودة إلى المنزل، أب يطمئن اليه كلّ ما شعر بالخوف، أب يسأل عنه إن كان برداناً أو جائعاً أو محتاراً، أب يسنده إذا تعثّر وينتشله إذا سقط، أب يضع قلبه وصحته وسهره وتعبه في كفّه من أجل أبنائه.
لكم وعداً منا، إذا نزلنا بالأمس بالآلاف فسننزل من اليوم وصاعداً بأعداد مضاعفة، سننزل من دون أدنى خوف على سلامتنا وسلامة عائلاتنا وأولادنا، سننزل لأننا متأكّدون أنّ الجيش اللبناني مكرّس وقته وجهده وعناصره لحمايتنا وحماية حقوقنا الشرعية بالتظاهر والتعبير عمّا يختلجنا من غضب وقرف من الطبقة السياسية المتحكّمة برقابنا وغير مكترثة لمطالبنا.
الساحات لنا ليس منّة من أحد… والساحات ستبقى لنا، لأنّ هناك شرفاء تكلّلهم بدلات خضراء مرقّطة، سيصونون حقّنا باحتلالها حتى ينجلي انتداب فسادكم. الساحات لنا ليس من كرم أخلاقكم، والساحات ستبقى صالوننا وسريرنا وكرسينا، طالما هناك عنصر واحد من الجيش اللبناني يهدي بندقيته ورنجره لأي ضيف غير مرحّب به.
منذ أن نزلنا إلى الشارع كنّا متأكّدين أنكم عاجلاً أم آجلاً ستلجأون جميعكم إلى ميليشياتكم وزعرانكم لإزعاجنا وترهيبنا وربما ضربنا وسحلنا وحتى قتلنا… ومع هذا نزلنا، غير مدجّجين بالسلاح وإنما مزوّدين بإيمان، أن جيشنا لن يشبه أي جيش آخر في المنطقة، وأن عناصره لن تتعامل معنا إلّا بكل رقيّ واحترام… نزلنا نساءً ورجالاً، عجزة وأطفالاً، عائلات وأفراداً ومجموعات، واثقين أن الحقّ الذي يصونه الدستور يحميه الجيش، والحرية التي تطالب بها شرائع الدول يقدّسها الجيش اللبناني.
عناصر الجيش لا يتكلّمون ولا يصرّحون ولا يتباهون بسلطتهم… لكن مجرّد وجودهم بين الناس، مجرّد وقوفهم هناك في مكان، بالكاد نلمحه بطرف عيننا، يجعلنا نشعر بالأمان والطمأنينة… وكلما مررنا الى جانب آلية للجيش أو سرية أو عنصر أو ضابط، نسمع صوتاً يردّد لنا: «ما تخافوا، أنا معكن»… وطالما جيشنا البطل معنا فممن نخاف؟