وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف يستكمل جولة الجار ثم الدار في أعقاب الاتفاق النووي بين طهران ومجموعة ٥١. وهي جولة قادته محطاتها الى ثلاث عواصم خليجية، واليوم الى بيروت على الطريق الى دمشق وسواها. لكن المحطة التي تشكل ذروة الجولة، لا تزال مغلقة، هي الرياض. والهدف مزدوج: شيء من شرح تفاصيل الاتفاق الذي لعب ظريف دوراً مهماً في التوصل الىه عبر فرصة رأى أنها لن تتكرر. اذ هو، كما تروي النيويورك تايمس، قال خلال احدى جلسات التفاوض في لوزان قبل الوصول الى فيينا لن يكون لنا زمن آخر في السياسة، حيث في أميركا اوباما وبايدن وكيري ومونيز، وفي ايران روحاني وظريف وصالحي. وشيء من مد اليد الى الجيران للعمل معاً على حل المشاكل بالحوار والامتناع عن التدخل في الشؤون الداخلية وتوحيد الجهود لمحاربة داعش والارهاب.
واذا كانت تركيا ودول الخليج من الجيران، فان النظرة الايرانية الى كل من لبنان وسوريا والعراق هي انه من الدار، لا مجرد جار. وليس في بيروت من هو شديد الاهتمام بتفاصيل الاتفاق النووي. فالكل متلهف لمعرفة ما دار وما يدور حالياً حول صفقة شاملة بدأت مقدماتها تلوح في اليمن وسوريا والعراق. وأكثر ما يشغل بال اللبنانيين هو الشغور الرئاسي والبحث عن تغيير في الموقف الايراني من انتخاب رئيس.
وليس سراً ان قراءة اللبنانيين في مرحلة ما بعد الاتفاق أضافت مزيداً من الأحلام الى رهانين متناقضين: واحد يرى أصحابه أن ايران سجلت نصراً كقوة نووية اقليمية عظمى معترف بها وباتت شريكة لأميركا في ادارة النظام الاقليمي الجديد، وصارت قادرة على فتح طريق القصر الجمهوري امام حليف لها. وآخر يتصور أنه لا أميركا ولا روسيا ولا أوروبا تعطي ايران دور اللاعب الوحيد في المنطقة وتتخلى عن أدوار تركيا والسعودية ومصر واسرائيل، وبالتالي فان الاتفاق سيدفع طهران الى تغيير سلوكها والتسليم برئيس توافقي للجمهورية.
وليت الذين يلتقون الوزير ظريف يمتنعون عن احراجه بالسؤال عن الرئاسة. فلن يجيبهم بما يختلف عما قاله لوزير الخارجية الفرنسي، وهو أن الجواب عند الرئيس روحاني، لا في الخارجية. ولو سئل روحاني لقال ان هذا شأن داخلي لبناني، إن لم يقل إن الجواب عند المرشد الأعلى علي خامنئي، والأفضل البحث مع حزب الله الذي يعطي الجميع عنوان الجنرال ميشال عون. وليت النواب يتوقفون عن الذهاب الى مسخرة الجلسات المعروف سلفاً أنها لن تعقد.