مستغربة هذه الجلبة الكبيرة وتلك الضجة المفتعلة على هامش مساعي تشكيل الحكومة… فالمسألة لا تحتاج الى ذلك كله، لأننا لا نزال «ضمن الوقت» كما تدل تجارب تشكيل الحكومات في لبنان.
ولكن الواضح الذي يمكن استنتاجه من مجريات التأليف هو أنّ الذين لا يناسبهم قيام الدولة الطبيعية في لبنان في المطلق لم يناسبهم سابقاً انتخاب رئيس للجمهورية، حتى إذا تم الانتخاب الذي لم يكونوا يتوقعونه، بدأوا يضعون العصي في مسار تشكيل الحكومة.
إنّهم يحاولون العرقلة بكل ما تملك أيديهم من وسائل، فلم يعد خافياً على أحد أنّ «حزب الله» لا يريد حكومة ولا أي مظهر من مظاهر الدولة، هم أصلاً لم يصدّقوا، بعد، أنّ رهانهم على الفراغ قد سقط.
إنّ وصول فخامة الرئيس العماد ميشال عون قلب حساباتهم، خصوصاً وأنّه يتصرّف وفق مسؤولياته الدستورية من موقع رئيس الجميع، الذي هو على مسافة واحدة من الأطراف كلها، إن في الداخل أو في الإقليم، وهذا موقف رئاسي لا يستسيغونه… من هنا فإنهم يعرقلون، وسيظلون يخترعون العراقيل أمام مساعي التأليف.
ولكن، وبالرغم من الصعوبات المفتعلة، وما أكثرها، فإنّ الحكومة ستتشكل آجلاً أو عاجلاً، والأرجح عاجلاً، فمسألة المماطلة لأشهر طويلة لم ولن ترد في حسابات الرئيس عون والرئيس المكلف سعد الحريري.
فبقليل من الصبر وسعة الصدر ستقوم حكومة في البلد ذات صفة وطنية جامعة.
لذلك لا بدّ من لفت المعرقلين الى ضرورة أن يحذروا رد فعل الرئيس.
في أي حال، نكرر أننا ما زلنا ضمن الوقت المعقول، ولكن لا بدّ من استغراب الكلام الذي يتردّد في الأيام الأخيرة ويحمل نبرة غير مستساغة، مثل القول «ما حدا بيخوّفني، وما حدا بيهددني».
إذ على حد علم اللبنانيين أنّ هناك من يخوّف الآخرين أو يتهددهم.
نحن نعرف أنّ جميع الأطياف لبنانيون، وأنهم عند الضرورة سيلتقون على الجوامع المشتركة… فلا بدّ من أن يلتقوا… وخير البرّ عاجله.