دخل الوضع اللبناني المهترئ في ما يُسمَّى الزرع الطويل. ومن أوَّل وجديد بالنسبة الى الفراغ الرئاسي، والشلل الحكومي، والتعطيل النيابي. ولفترة غير مقروءة حالياً، أو غير محدَّدة.
وإلى أن يتمَّ ما جاء في ختام أحد خطب السيد حسن نصرالله، حول التسوية الشاملة والسلة الواحدة، يجدر بالأوساط السياسيّة المعنيَّة مباشرة أن تأخذ على محمل الجدّ، وابتداءً من الآن على الأقل البنود الثلاثة الشديدة الوضوح والجديَّة. وعلى أساسها يُبنى الشيء ومقتضاه: الاتفاق على انتخاب الرئيس، الاتفاق على الحكومة الجديدة، الاتفاق على قانون انتخاب جديد.
يجدر بالأفرقاء السياسيّين في مختلف التيّارات والتكتّلات النظر إلى الأزمة اللبنانيّة، بكل هولها وتداعياتها، من هذه الزاوية. والأصح من هذه “الشروط” والتي سيتبدّى للجميع أنها ستكون مستقبلاً في صميم أيّ اتفاق، أو أيّة تسوية.
هذا إذا لم يتطلَّب الأمر “مؤتمراً وطنياً” جديداً، أو طائفاً جديداً، أو دوحة جديدة.
لم تعد المسألة في هذا اللبنان الممزَّق وقفاً على ملء الفراغ الرئاسي. وربما لم تكن منذ البداية محصورة في نقطتي دور الخارج القريب والبعيد وشخص الرئيس وميوله.
لا شك في أن الخلاف المحتدم حالياً بين إيران والسعوديّة، و”المتجلِّي” على الأرض في أكثر من موقع وبلد، وأبعد أو أقرب من اليمن والعراق ولبنان، يلعب دوراً كبيراً، وربما كل الدور في أزمة الفراغ الرئاسي والتعطيل المؤسَّساتي الشامل.
لا بدَّ هنا من الاعتراف مجدّداً، واستناداً إلى معلومات لا يرقى اليها الشك، أن “قرار تعطيل لبنان”، أو شلِّه على النحو الذي لا يحتاج إلى تعريف وتصنيف، لم يصل بعد الى مرحلة تجعل الضوء الأحمر يتأجَّج ويحدث ضوءاً ينبِّه إلى خطر آت.
أمّا الفريق الدولي الذي تتقدّمه فرنسا، وتدعمه روسيّا، وتسانده أميركا، فانه يتابع التطوّرات اللبنانيّة بدقة ومواظبة. سواء بوسائله الخاصة، أو عبر هيئة الأمم المتّحدة وموفديها.
لبنان ليس متروكاً للعابثين، أو للطامعين والطامحين. إلاّ أن التداخل الكبير بين حال الداخل وامتدادات أحداث الخارج، فضلاً عن الصراعات والنزالات العنيفة، يقضي عليه ما يُقضى عادة على المرء في أيام محنته. مع اشارات تشجِّع على التحاور والاتفاق داخلياً حول سلة “التسوية الشاملة”.
والتسريبات التي تتحدَّث بحذر عن ارتباط الأزمات اللبنانيّة بواقع الحال في سوريا، ليست غريبة أو بعيدة من الصحة. فللوضع السوري أكثر من دور سلبي على صعيد الفراغ الرئاسي، وما يتفرَّع عنه.
من البديهي جداً أن تلتقي مصالح بعض أهل الداخل، من شبقين الى السلطة وسواهم، مع مصالح بعض أهل الخارج… فيشكّل هذا التلاقي “فريق عمل”، يصبُّ بدوره في كأس التعطيل.
وهكذا دواليك، حتى بالنسبة الى “قنبلة الزبالة”، إلى أن يتمّ ما جاء في… الخطاب.