IMLebanon

لا تتحجّجوا!

نادراً ما يمرّ يوم من دون أن أسمع أخباراً من نوع: “يا حرام الفايسبوك خربلها بيتها”، أو “ارتكب خيانة الكترونية” أو “طلّقوا من ورا تويتر وإنستاغرام”. عن جدّ؟ ممتاز. إذا كانت مواقع التواصل عبر الشبكة الالكترونية قادرة على تفخيخ العلاقة أو الزواج وتعطيلهما والقضاء عليهما، فلتذهب العلاقات وأصحابها إذاً الى الجحيم.

في رأيي المتواضع، أنه إما أن يكون الحب علاقة جوهرية بين شخصين، يتفاعلان عقلياً وعاطفياً وجسدياً، ويستمر باستمرار هذا التفاعل الخلاّق، وإما أن يكون عقداً يمكن نقضه مثلما تُنقَض العقود العادية، أو محض تخدير يزول مفعوله مع الوقت.

إذا أخذنا بالرأي الأول، فإن من نتائجه أن لا مواقع التواصل الالكتروني ولا سواها، تستطيع أن تُسقِط شعرةً واحدة من رؤوس المتحابين.

وإذا أخذنا بالرأي الثاني، فإن من نتائجه الموضوعية المباشرة تعرّض العلاقة الدائم لـ”التهديد” أمام كل نسمة تواصل “غزلية” محتملة. أتحدث عن الحب أو العلاقة أو الزواج باعتبارها مشروعاً نوعياً يطاول الحياة برمتها، القلب والعقل معاً، لا باعتبارها تسوية أو موضة أو عرضاً أو نزوة أو فرضاً أو تكتيكاً لطرد الوحدة موقتاً. وعندما تكون على هذه السجية، فعبثاً كل محاولة للنيل منها أو لزعزعتها.

أما سؤالي الحقيقي فهو الآتي، على هامش المسألة: هل يمكن حقاً بناء علاقة إنسانية، عاطفية أو اجتماعية، من خلال الفضاء الافتراضي؟ سؤال أطرحه غالبا على نفسي بعدما ازداد عدد أصدقائي عبر الشبكة، وهم أصدقاء لم ألتق بهم، وربما لن ألتقي بهم يوماً، في حياتي.

وهل يمكن حقاً تحميل الـ”فايسبوك” أو سواه من مواقع اللقاء والدردشة، مسؤولية انهيار العلاقات بين الناس؟ أليس الخلل، وثمة خلل من دون شك، في معايير العلاقة نفسها، قبل أن يكون في ما “يجسّد” فشلها من احتمالات موازية؟

من هذا السؤال، أصل الى الاستنتاج الآتي: لا تحمِّلوا مواقع التواصل الاجتماعي أكثر مما تتحمل. “دود الخلّ منه وفيه”، يقول المثل العامّي اللبناني. بمعنى أن المشكلة لا بدّ أن تكون موجودة في الأساس، أي في العلاقة نفسها، لا في التفاصيل، أكانت تفاصيل الحياة اليومية، أم ما يطرأ عليها من عوامل، من مثل اللقاءات والاغراءات عبر الشبكة الالكترونية.

لا يندرج موقفي هذا في باب الدفاع عن الالتزام المفتعل (وأنا ضدّه)، أو في باب تقليل “تهديدات” الشبكة الالكترونية، إنما أدرجه في باب تصويب المشكلة، ووضعها في نصابها الحقيقي.

أيها العاشقات والعشّاق، فتِّشوا عن السبب.