اشار معهد كارنيغي الى سبل تطوير المساعدات الانسانية “للاجئين السوريين بطريقة اذكى”، عقب انفضاض المؤتمر الدولي للمانحين في لندن قبل بضعة اسابيع، والذي “تعهّد تقديم 11 مليار دولار تقريبا” ضمن البرنامج خلال الفترة الممتدة بين 2016 و2020. وأوضح المعهد ان “خطط العمل المشتركة بين الاتحاد الاوروبي وتركيا لم تسفر عن نتائج ملموسة”، وارتفع العجز الاممي في المساعدات المقدمة لسوريا الى نسبة 43% مقارنة بالعام السابق. وعليه، ناشد المعهد الدول المانحة “التفكير بصورة استراتيجية في الاتجاهات والحاجات والاستجابات الطويلة الأمد”…
التقرير في ذاته لا يطمئن اطلاقاً، بل انه يؤكد المؤكد لدينا، وهو خوفنا من “توطين جديد” أشبه بما حصل معنا زمن تهجير الفلسطينيين من أرضهم، عندما تولت مؤسسات الامم المتحدة اغاثتهم، لكنها قصرت في ذلك، مما جعل أماكن سكنهم الموقتة، مخيمات تحولت بؤر فقر وتعاسة وارهاب وفوضى، وصار ناسها ضحيتها. “الاونروا” مقصرة اليوم الى اقصى حد، ونرى تحركات مطلبية شبه يومية للفلسطينيين، لا تعبر عن نقص في الاعانات فحسب، وانما عن خوف من انقطاعها، وتركهم لمصيرهم في بلد لا يستطيع توفير مقومات العيش لأبنائه. هذا الظلم تحول عداء بين الفلسطينيين ومجتمعهم المضيف، أي لبنان وبنيه، ولم يعد ممكناً توفير الاندماج الجيد بعدما رسمت التجاوزات الفلسطينية خطاً فاصلاً لا يتم تجاوزه إلا في بعض الخطب الرنانة التي لا تقيت ولا تؤمن الاستشفاء وغيره من الحاجات الضرورية.
المشكلة مع اللاجئين السوريين قد تصر على هذا النحو، والخوف يتنامى لدى اللبنانيين لاسباب عدة، أولها عجز حكوماتهم، وربما نظامهم، عن التعامل مع الحالات الطارئة والقضايا الكبرى، وثانيها الاعداد الكبيرة للاجئين الذين بلغوا المليونين في بلد الاربعة ملايين، وهو عدد لا يمكن أي بلد صغير تحمله اقتصادياً واجتماعياً، وثالثها عدم وجود رقابة حقيقية على وضعهم الامني اذ قد يتغلغل في أوساطهم ارهابيون من تنظيم “داعش” الارهابي واخوته التنظيمات الاخرى، كما عناصر مخابرات من النظام السوري الذي لم يوفر أمن لبنان ولا استقراره ولا حتى سيادته يوماً.
واذا كان العجز الاممي حيال سوريا بلغ 43 في المئة، فهذا يعني ان المجتمع الدولي لا يفي بالتزاماته كاملة وربما ازداد الامر صعوبة اذا ما استمرت أسعار النفط في انخفاضها أو حتى في استقرارها عند هذا الحد، مع هذا الكم من الحروب والمعارك، بما ينعكس سلباً على اقتصادات الدول وقدرتها على تقديم المساعدات.
الى اليوم لم يتضح المبلغ الذي سيكون من نصيب لبنان من مؤتمر لندن، لكن الاكيد انه هزيل مقارنة بالحاجات المتزايدة للاجئين. والاكيد اننا في ورطة لا تفيد معها المسكنات ما لم يتم توفير حل لعودة السوريين الى بلادهم، لاننا سنكون مقبلين على وضع شبيه بحالنا مع الفلسطينيين.