IMLebanon

لا تؤاخذونا!  

 

يستحيل أن تكون الأزمة الحكومية المتفاقمة وليدة العناد الداخلي من هذا الفريق أو ذاك. فهذا التشتُّت «الأعمى» في المواقف، مشفوعاً بالمطالب غير قابلة التحقيق وأيضاً والشروط العرقوبية هو نتيجة حتمية لمداخلات تبدأ في مساعي التمديد وتخترق الحدود القريبة والبعيدة…

 

يتوافق هذا مع سلسلة علامات فارقة ورهانات على المستجدات الخارجية التي تنظر اليها أطراف لبنانية بآمال سيبدو أنها بمثابة قصور من رمال.

فثمة من يبني الآمال على أن تنتهي (… وقريباً) الأحداث في سوريا في مصلحة الرئيس السوري بشار الأسد على أمل أن تشكّل دفعاً للفريق الذي يحالفه ويواليه في لبنان.

وثمة من يراهن على أن تنتهي أحداث اليمن على تحوّل في مسار الحرب هناك يبدأ في مرفأ الحديدة ليصل الى العاصمة صنعاء… وما يترتب على ذلك من نكسة حقيقية لإيران وحلفائها. وفي تقدير أصحاب هذا الرهان، أيضاً، أنّ طهران لا يمكن أن تصمد أمام تحركات الإحتجاجات القوية في الشارع الإيراني معطوفة على ما تعانيه العملة الإيرانية جراء العقوبات المفروضة على الجمهورية الإسلامية. وهذا «يُفترض» (في نظر هذا الفريق) أن يترك آثاره السلبية على حلفاء الإيراني في لبنان.

وفي منأى عن مدى الجديّة في هذه الرهانات، فليس ما يفيد بالتوصل الى حلول حاسمة (إن في سوريا أو – خصوصاً – في اليمن) في المستقبل المنظور.

فهل على لبنان أن ينتظر تلك الحلول حتى تؤلف حكومته؟ وهل إن لبنان قادر على أن يقيم على هذا الإنتظار في واقعه الإقتصادي الصعب جداً؟ وهل في مقدور أي طرف أو فريق أن يتحمّل النتيجة، بل النتائج، التي قد تترتب على طويل إنتظار، وهي حتماً ستكون تداعيات خطرة؟!.

إن مرحلة تشكيل الحكومة يجب أن تنتهي! هذا ما يقولون به جميعهم. ولكن ليس هذا ما يسعون إلى تحقيقه إلاّ إذا كان التشكيل الحكومي الآتي في مصالحهم المتناقضة،  والمتضاربة.

وفي تقديرنا أنّ الحل يكون بتشكيل الحكومة وفق ما يتوصل إليه الرئيس المكلّف مع رئيس الجمهورية من توافق واقتناعات مشتركة. ولتكن حكومة أمر واقع بمن حضر! فمن يقبل أهلاً وسهلاً ليعدّ العدّة للموالاة… ومن يعترض فمع السلامة وليعدّ العدّة للمعارضة.

لقد قام هذا الوطن على اللعبة الديموقراطية الحقيقية: أكثرية موالية وأقلية معارضة. واستمرت هذه اللعبة حتى ما قبل اعتماد إتفاق الطائف: من الكتلة الدستورية والكتلة الوطنية، الى النهج والحلف الثلاثي. وفي هكذا مناخ برلماني ديموقراطي سليم صدحت تحت قبة البرلمان أصوات أولئك الكبار الكبار من رجالات مرّوا في النيابة والحياة العامة وتركوا بصماتهم الرائعة ليس فقط في الأرشيف بل خصوصاً في صفحات التاريخ الذي نفاخر به… والذي «كتبه» بأقوالهم وأفعالهم أولئك الماهدون الذين حوّلوا الوطن الصغير الى واحة أمان وديموقراطية وازدهار في هذه المنطقة من العالم من دون أن يكون يملك الثروات الطبيعية في باطن أرضه، ومن دون أن تكون لديه اعداد هائلة من أهله…

يا سيّدي لقد جرّبتم (بعد الطائف) الإقصاء لأطراف وأطياف وطنية. ثم جرّبتم حكومات الإتحاد الوطني المزعومة. ومن ثم جرّبتم بدعة «المعارضة من داخل» عبر حكومات يُفرض عليها وزراء ليسوا من نسيجها… وهذه كلها أدّت إلى الفشل…

…فلماذا لا تجرّبون ما يعتمده العالم المتحضر كله (وكنّا سبّاقين إليه) حكومة الأكثرية توالي والأقلية تعارض؟؟

لماذا؟

هل لأنكم مربوطون بالخارج!

ولا تواخذونا!