IMLebanon

لا تعبثوا بالأمن

أيها السياسيون، هذا نداءٌ ليس من كاتبة هذه السطور فحسب، بل من أربعة ملايين ونصف مليون لبناني، ويتوجَّه إليكم بالقول:

تلهوا في السياسة قدْر ما تريدون وقدْر ما تستطيعون. تسلُّوا بالمناكفات طالما أُتيحت لكم، وهي متاحة في أيِّ حال، تجادلوا وتبارزوا فهذه من هواياتكم، لكن رجاءً لا تلعبوا بأمن البلد.

***

أيها السياسيون، الأمن معروفٌ عنوانه:

إنه في المؤسسة العسكرية وفي مؤسسة قوى الأمن الداخلي، هاتان المؤسستان يتطلَّع إليهما اللبنانيون كحجر الزاوية الذي يُبقي على الهيكل ثابتاً، وعليه فمن غير المسموح التلاعب بهما أو إدخالهما في عملية الكباش الجارية. هناك عنوان واحد لهذه القضية لا عنوانان:

إما تعيين وإما تمديد، والسرعةُ في بتِّ القضية تساوي القضية ذاتها في أهميتها، فآخر هذا الشهر يُفتَرض أن يُحال قائد الدرك العميد الياس سعاده على التقاعد، والشهر المقبل يُفترض أن يُحال المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء ابراهيم بصبوص على التقاعد أيضاً، والأمر عينه بالنسبة إلى قائد الجيش العماد جان قهوجي الذي يُفترض أن يُحال على التقاعد في أيلول المقبل، لقد دقَّت الساعة الصفر. تأتي هذه المواعيد والإستحقاقات في ظروف داخلية ومحيطة بالبلد في غاية التعقيدات، فعلى الحدود الشرقية يقف الجيش متأهِّباً في محاولةٍ منه لمنع امتداد النيران السورية إلى لبنان، ومن البقاع إلى الإنتشار في كلِّ الداخل تقريباً حيث الخطة الأمنية تمتد من الشمال إلى الضاحية إلى صيدا مروراً ببريتال.

وإلى هذه المهمات هناك مهمة تعقُّب الإرهاب، وهذه الملفات تطرَّق إليها الإجتماع الأمني في السراي الأسبوع الفائت، وعلى رغم السعي لإبقائه بعيداً عن الإعلام، فإنَّ ما سُرِّب منه أنَّ قائد الجيش العماد جان قهوجي طمأن المعنيين خلال الإجتماع إلى متانة وصلابة الإنتشار العسكري على الجبهة الحدودية، مؤكّداً أنَّ لا خوف على الحدود وأنَّ الجيش يمسك بالوضع جيداً وقادر على التعامل مع أيِّ خطرٍ قد يطرأ على الجبهة.

***

إنَّ هذه المسؤوليات الجِسام تجعل من الجيش مُركِّزاً على تحصين نفسه وتحصين البلد، من دون التلفت إلى ما يحاول السياسيون إشغالَه به، فلا وقت لديه للتلهي بمماحكاتهم لأنها لا تُحقِّق أيَّ تقدّمٍ بل بالعكس تؤدي إلى مزيدٍ من البلبلة.

الأمر في غاية البساطة:

إذا توافقتم على التعيين فعيِّنوا أما إذا لم تتوافقوا فمدِّدوا، لا خيار ثالث لكم خارج هذين الخيارَيْن، قد يحتمل البلد فراغاً على مستوى رئاسة الجمهورية، قد تتعطل الحكومة، قد تُشلُّ أعمال مجلس النواب، ويبقى البلد ماشياً ولو بطريقة بتراء وعوجاء، لكن من دون قيادة جيش ومن دون قيادة قوى الأمن الداخلي فإلى أين يمكن أن يسير البلد؟

لماذا التلهي في أمور لا طائل منها؟

لماذا لا يتمُّ الإنصراف إلى ما هو أهم:

الموازنة تنتظر، وهي ستحظى هذا الأسبوع بجلستين لمجلس الوزراء، كما أنَّ هناك الجلسة العادية الخميس المقبل وجدول أعمالها يفوق المئة بند، فإلى متى التلهي؟