طبيعي أن تطلع الأخبار الإيجابية حكومياً من عين التينة. أي من المصدر الذي أثارت مواقفه التصعيد الذي عاشته البلاد منذ التكليف حتى اليوم… بل منذ ما قبل التكليف، يوم بشّرنا (بل أنذرنا) بـ «الجهاد الأكبر» الذي شملت فضائله لبنان في عرقلة إندفاعة العهد، وتمديد التعطيل الحكومي فالنيابي…
ولا بأس، نحن اليوم أمام اخبار سارة تتوالى من عين التينة تركّز على الإيجابية، وتلاقي رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد الذي أخبرنا، بدوره، بأن هناك عوائق تعترض تشكيل الحكومة، مضيفاً أن الحل لهذه العوائق يقتضي «منطقاً وطنياً سليماً». وهو كلام حمّال أوجه يمكن تفسيره على ألف وجه ووجه، ويمكن أن يأخذه كل من الأطراف الى جهته وضدّ الآخرين!
وفيما بدت بكركي قلقة جداً على التأخير والمماطلة والجرجرة والعراقيل (…) التي تعترض تشكيل الحكومة تبيّـن للمعرقلين الحقيقيين أن البلد لم يعد يتحمل المزيد، خصوصاً وان العراقيل من هنا أو هناك تبدو «مدعومة» بسلسلة اعتصامات واضرابات يتم تنفيذها بالتقسيط… ولكن كل «فصل» منها كاف لينغّص عيش اللبنانيين، خصوصاً بقطع الطرقات، وشلّ الحياة في البلد، وإيصال الناس الى حال من الكفر!
ومع أن الرئيس نبيه بري حريص على أن يستحضر التفاؤل بين مرحلة زمنية مشحونة بالسلبيات، ومرحلة أخرى، فإنّ ليس ما يشير الى أنّ ثمة حلاً بات في الجيبة! إذ يبدو أنّ ثمة قراراً جدياً بأنّ على سيد العهد الجديد أن يحسب حساباً لإطراف معلنة (بل هي تعلن عن ذاتها) قد إتخذت قرارها بأنّ على اللبنانيين ألاّ يشعروا بأنّ هناك فرقاً بين رئيس «قوي» وآخر غير قوي! والمعنى في قلب الشاعر، أو في قلب الشاطر، أو في قلوب المتشاطرين، وما أكثرهم.
ولكن، في المقابل، فات الأذكياء والمتذاكين، والنبهاء والمتنابهين، أنّ في قصر بعبدا نزيلاً «غير شكل»، كثيراً ما كان مالىء الدنيا وشاغل الناس، مشبعاً بالوطنية، وبالثقافة الشمولية، وبقيادته الفريدة للجماهير التي تمحضه الثقة في خطواته دعماً ومساندة واستعداداً لحضور «فوري» في الشارع.
لذلك فإن «اللعب» مع الرئيس ميشال عون يكون نظيفاً، وإلاّ يكون كمن يلعب في النار، فيحرق أصابعه.
وقد يكون فخامة «الجنرال» لايزال صابراً على بعض الضيم، ولكنّ لصبره حدوداً، وهو الذي يملك ميزاناً دقيقاً للزمن، إذ انه يجيد التوقيت: متى يتحرّك، ومتى يهدأ خصوصاً متى يتوجه الى الناس في ما تنتظر منه قوله بلهفة وشوق.
لذلك… لا تلعبوها، معه، إلاّ وفق الأصول.