IMLebanon

لا تسوية على دماء الشهداء

تحلُّ اليوم الذكرى الثامنة والثلاثون لاغتيال الزعيم كمال جنبلاط، ولم يرتدع القاتل خلال كل هذه السنين، بل أكمل مسيرة الترهيب والتهديد والوعيد. لا يختلف كثيراً عن “داعش” إلا في الإعلام الحربي الذي يتبعه التنظيم الإرهابي لتخويف الناس. لكن أفعال الخطف والتعذيب والقتل واحدة في المضمون. وكم من لبنانيين قضوا في السجون السورية تحت التعذيب، وكم من أم لا تزال تعتصم في ساحة رياض الصلح في انتظار نبأ يصلها عن مصير زوج وشقيق وولد وحفيد خُطف في وضح النهار وصار أسير سجون مظلمة مثل قلوب سجّانيها وضمائرهم.

اليوم تستأنف المحكمة الخاصة ب‍لبنان جلساتها وتستمع الى النائب السابق باسم السبع، وهو كان قريباً من الرئيس رفيق الحريري، وستستمع أيضا إلى الرئيس فؤاد السنيورة، والنائب وليد جنبلاط، وغيرهما. وجميع هؤلاء شهود على تلك المرحلة، وعلى مقدمات جريمة غيرت كثيراً في مسار الامور، واستتبعت جرائم اخرى.

اليوم وفي كل يوم، نشدد على تمسكنا بالعدالة، بالحقيقة، بعدم الظلم، وعدم اتهام أحد جزافاً، ونؤكد تمسكنا بالمحكمة ذات الطابع الدولي التي لا يخضع قضاؤها والعاملون فيها للترهيب المحلي والإقليمي. ونعلم جيداً أن كل المعترضين عليها، سواء في الداخل أم في الخارج، يدركون انها قد تطالهم، وهم يخوضون حربا وقائية ضدها.

أمس غرد قائد الجيش العماد جان قهوجي قائلا: “إن لا تسوية على دماء الشهداء ولا تفريط بالعدالة الكفيلة وحدها بكشف الحقائق وضمان حقوق الجميع”. وهذا مبدأ يجب ألا يقتصر على العسكريين، بل على كل الشهداء، إذ ان العدالة لا تتجزأ، وكل جريمة ارتكبت في زمن ما بعد اتفاق الطائف ولم يشملها أي عفو، يجب أن تكون موضوع متابعة بهدف تحقيق العدالة.

إن التهاون في التعامل مع الإرهابيين ومع المجرمين والقتلة هو الذي أوصلنا الى هذا الدرك في مؤسسات الدولة، وفي قصور العدل أيضا، وقد مارس السياسيون أسوأ أنواع التدخل لحماية أزلامهم من المرتكبين. كما ساهم السياسيون في تسويات مهينة للبنانيين ولكرامات أهالي الشهداء. ليس فضل شاكر هدفاً في ذاته، لكن التهاون والتسويات من دون محاكمة، ستنسحب على الجميع في حالته، وقد شهدنا على حالات مماثلة سابقا، فكفى استهتاراً بالناس وبمشاعرهم وبكراماتهم.