Site icon IMLebanon

لا تتحدّثوا العربية في الغرب !

تحوّلت لاس فيغاس مدينة الأضواء والفرح منصة لبثّ الذعر واشاعة الأفكار القاتمة، عندما استضافت “CNN” المناظرة الخامسة بين المرشحين الجمهوريين التسعة، وكانت مبارزة في تعهّد تدمير “داعش” فحسب، وايضاً في معارضة دخول المسلمين الى اميركا، ما بدا أنه تأجيج لمشاعر العصابية التي أنفجرت بعد الجرائم الارهابية في فرنسا وكاليفورنيا ولندن!

كان من سوء المصادفة ان تعقد المناظرة وسط جرعة جديدة من الذعر، بعدما أقفلت السلطات الأميركية في اليوم عينه مدارس لوس أنجلس اثر تهديد أمني يستهدف هذه المدارس، ويكفي ان نتخيل مشاعر أهالي الطلاب البالغ عددهم ٦٤٠ الفاً، لكي ندرك مدى ارتفاع منسوب الخوف الذي يصبّ في مصلحة مرشحين من أمثال دونالد ترامب وتيد كروز وماركو روبيو وزملائهم، الذين تباروا الواحد تلو الآخر في تعداد التهديدات الارهابية والاسلامية ما يزيد الكراهية التي تقرب من العنصرية.

كان من المثير ان يقول تيد كروز “ان أميركا في حال الحرب”، ليرد جيب بوش “انهم يتعرضون لحريتنا”، وهو ما يذكرني بتقرير من باريس بعد الهجمات الأخيرة أجمع فيه الفرنسيون على القول “خذوا حريتنا وأعطونا الأمن”، وعندما يصرخ ترامب غاضباً “ان أميركا خرجت عن السيطرة”، يكون هو الخارج عن السيطرة. لكن الأرقام تبدو مفزعة تماماً، ففي استطلاع للرأي أجرته “الواشنطن بوست” بالتعاون مع “اي بي سي” تبين ان ٥٩ ٪‏ من الناخبين الجمهوريين يؤيدون فكرته الداعية الى اقفال الحدود موقتاً امام المسلمين.

الصوت العاقل كان صوت بول راند المؤيد للحريات والذي قال: “عندما نستبعد بعض الأديان ونفرض رقابة على الأديان يكون الارهابيون قد انتصروا”. وهذا صحيح تماماً أولاً لأن اجراءات الكراهية التي تقرب من العنصرية تخدم “داعش” من خلال تسلل مبدأ الانغلاق الى روح الديموقراطيات الغربية، وثانياً لأنها توفّر الدعاية الكافية لـ”داعش” لاستقطاب المتطرفين على خلفية الرد على تعميم الكراهية .

ثمة هنا ما يذكرني بقول الفاتيكان لجورج بوش عشية حربه على الارهاب عام ٢٠٠١، يجب على أميركا ألا تنسى القيم التي قامت عليها وتنادي بها، ولهذا تبدو دعوات الجنوح الى الانغلاق مؤذية لأميركا اكثر من الارهابيين، لأن من الجنون وضع المسلمين الذين يقاتلون التكفيريين منذ زمن بعيد في خانة الدواعش!

لم يَسلم باراك اوباما من الانتقاد، ولكن ليس من الواضح ان مواقفه القوية ضد اعلانات ترامب البغيضة يمكن ان تخفف حال الذعر المتصاعدة في أميركا والمجتمعات الغربية بعد مسلسل جرائم الترويع التي ينفذها “داعش”، فيومياً تتواتر اخبار من المطارات والطائرات التي تتأخر رحلاتها او تهبط اضطرارياً لمجرد ان الركاب سمعوا بينهم من يتحدث بالعربية وهو ما جرى مثلاً في شيكاغو وفلوريدا وبالتيمور!