في اللقاء مع موظف أميركي كبير سابق، عاصر تعاطي إدارات عدة في بلاده مع قضايا الشرق الأوسط، تناول الحديث رئاسة الجمهورية الشاغرة في لبنان و”زبالته” واحتمال تحوّله دولة فاشلة إذا لم تكن صارت دولته كذلك فعلاً. ثم تساءل “إذا كان انتخاب رئيس للجمهورية بعد عجز فاق السنتين يقدّم أو يؤخّر في لبنان”. وتابع: “السعودية هي سبب الراديكالية والتطرّف الإسلاميين في العالم العربي. أرسلت ومنذ سنوات طويلة الى العالم آلافاً من الدعاة مع مبالغ طائلة من العملة الأميركية وملايين النسخ من القرآن الكريم من أجل التبشير ودعوة الوثنيين والمؤمنين من أديان أخرى إلى دخول الاسلام. هي موّلت “القاعدة” سابقاً، وهي مع تركيا وقطر تموّل “داعش”. لا أعرف إذا كانت ستنجح في تفادي التجزئة. الاعلام لا يتحدث عن كل الأحداث التي تحصل داخلها مثل عمليات القتل التي يقوم بها أفراد من أبناء المملكة في المنطقة الشرقية. هي تعتقد أو ربما مقتنعة بأنها قادرة على شراء كل شيء بالمال”.
ماذا عن إيران؟ سألت. أجاب: “إيران دولة جدّية وتركيا جدّية وطبعاً إسرائيل. ماذا عن سوريا ومستقبلها في رأيك؟” سأل. أجبت: تقسيم واقعي غير رسمي لمدة طويلة حتى يأتي الحل. الروس حموا “سوريا المفيدة” كما يسمّونها بطلب من إيران عندما كبر كثيراً احتمال انهيار النظام في الصيف الماضي. لكنهم لن يساعدوا الرئيس الأسد على استعادة السيطرة على كل سوريا في اعتقادي. الحلول بعيدة ويحتاج التوصل إليها الى سنوات أو الى عقد وربما الى أكثر. تحرير الرقة من “داعش” لن يتم بواسطة الروس بل سيكون بقيادة الاميركيين و”تحالفهم الدولي ضد الارهاب” في وقت لم يحددوه بعد. لن ترسل أميركا جيشاً برياً تنفيذاً لمبدأ أوباما (No Boots on the ground). ربما يدخلها سوريون إسلاميون معتدلون و”جيش سوري حر” بقيادة أميركية.
أما الموصل العراقية فإن الحكومة العراقية لن تستطيع استرجاعها من “داعش” إلا بمساعدة القوات الأميركية. وأميركا ليست في هذا الوارد الآن. ربما هناك احتمال أن يقوم كيان سنّي جديد على أرض سورية “سنّية” وأخرى عراقية “شيعية” أيضاً. علّق: “ربما تجعل حرب تدوم 10 سنوات السعوديين يتوصلون الى الاعتدال الفعلي وليس الكلامي. أخبرني أكثر عن رأيك في إيران ومشروعها؟” قال. أجبت: مشروع سيطرة إيران على ما سماه ملك الأردن “الهلال الشيعي” انتهى أو هو قيد الانتهاء في رأيي. أي السيطرة على محور يمتد من طهران الى بغداد فدمشق وبيروت وغزة. في العراق لها بغداد والجنوب، في سوريا “سوريا المفيدة”. وفي غزة انتهت تقريباً. في لبنان لا يزال نفوذها الأكبر بسبب “حزب الله” وشعبه. لكنها لا تزال تقاتل وهي تحتفظ بمواطئ قدم لها في كل دول الهلال المذكورة أعلاه وستستعمل ذلك لتقوية موقعها في التفاوض الشامل مع أميركا عندما يأتي وقته. أكراد العراق لهم كيانهم الذاتي وربما يتحوّل دولة مستقلة. أما أكراد سوريا فربما يحظون بحكم ذاتي. وتركيا في مشكلة مستمرة مع أكرادها وحزبهم الأقوى الـ PKK الذي يخوض حرب عصابات معها منذ عقود. علّق: “كان يمكن للجيش التركي أن يقوم بعمل ما لكن الرئيس أردوغان أضعفه. وعلى رغم ذلك لا يعرف أحد كيف ستكون التطورات. سياسة أردوغان قد لا تستمر طويلاً في تركيا”.
انتقل الحديث مع الموظف الأميركي الكبير السابق نفسه إلى “حزب الله”، فسأل: “إذا مات زعيمه السيد حسن نصرالله أو قُتل هل يفرط الحزب؟ وهل هناك مصلحة لأحد في قتله أو في عدم قتله أو منع قتله؟ أتساءل دائماً لماذا لم يُستهدف هو مباشرة بمحاولة اغتيال؟ حكينا مع إسرائيل. كان الرأي: ربما يحوّل قتله حزبه مجموعة فصائل متناحرة أو عصابات أكثر خطورة على لبنان وإسرائيل. ما رأيك أنت؟” أجبت: في “حزب الله” مؤسسات أعضاؤها منتخبون بنسبة كبيرة. أي فيه نظام شورى ونظام حديدي في وقت واحد. ولا تنس أن إيران التي ساهمت في تأسيسه وحمايته ورعايته واستمراره لن تتركه يتفتت. وهو بالمناسبة ليس كأحزاب لبنان يقود كل منها رئيس وأعضاؤه رعايا له أو لعائلته. سأل: “تقول إسرائيل إن عدد أعضاء الحزب وكلهم مقاتلون، يراوح بين 20 و30 ألفاً. ما رأيك أنت؟ أجبت: عددهم أكبر من ذلك وبكثير. لن أدخل في الأرقام وتقديراتها لكن الحديث عن عسكرة “شعبه” ليس مبالغة. “هل سيتغير اتفاق الطائف أو يُلغى أو يُعدّل؟ ماذا يريد شيعة لبنان؟ هل يتسلّح مسيحيوه؟” سأل. بماذا أجبت؟