IMLebanon

هل يُحضر لعمل ارهابي في الشمال؟

تبين ان اشكال بلدة حنيدر على الحدود اللبنانية- السورية لم يكن على مستوى الخطورة التي اشيعت عقب الاعلان عن تسلل مجموعة ارهابية الى احد المواقع العسكرية وليس بمستوى الاستنفار الذي حدث في المنطقة والذي استدعى قرع اجراس الكنائس في البلدات العكارية المجاورة وتداعي الاهالي لحمل السلاح بعدما طمأن بيان قيادة التوجيه بان الموضوع تمت معالجته وقامت العناصر الامنية بتطويق ما حصل والتعاطي مع الموضوع بما يلزم ، الا ان حادث حنيدر لا يمكن ان يكون عابراً او ان يلغي المخاوف من احتمال حصول خروقات امنية في البلدات الشمالية المتاخمة للحدود السورية خصوصاً ان تلك البلدات عايشت مخاوف هائلة عقب التهديدات «الداعشية» باحتلال الشمال وعقب سقوط مدن سورية في المرحلة الماضية في ايدي الارهاببين ، ولكنها عادت وتبددت بعد حسم القوى النظامية المعارك في ريف حمص وفي الزبداني والقلمون . كما ان الجهوزية العالية للجيش في تلك المناطق الحدودية خلقت عامل اطمئنان لابناء المنطقة ، يبقى ان تلك المناطق تعيش هواجس من نوع آخر تتعلق بوجود آلاف اللاجئين الموزعين في البلدات وفي المخيمات التي تبين انها تأوي ارهابيين للنصرة وداعش بعد وقوع عدد منهم في ايدي الاجهزة الامنية .

واذا كان ما حدث في حنيدر لا يعدو كونه مجرد اطلاق نار تعرض له موقع عسكري في محطة لبرج للمراقبة في وادي خالد يرجح ان يكون للحادث علاقة ربما بعملية تهريب لاجئين او عملية معينة لمتسللين من الجانب السوري ، فان اهمية حادث حنيدر انه اكد جهوزية القوى الامنية والجيش في التعاطي مع اي عملية ارهابية اضافة الى وقوف الاهالي الى جانب المؤسسة العسكرية بعد تداعيهم الى قرع الاجراس وحمل السلاح . ولا يعني بالضرورة وفق اوساط مطلعة ان للحادثة مغزى او انها مؤشر لتعرض المنطقة الشمالية او احتمال حدوث خلل امني او هجوم للمجموعات الارهابية من البوابة الشمالية .مع ابقاء كل الاحتمالات قائمة خصوصاً ان الارهاب لا «قلب او دين له» ويمكن ان يضرب في اي منطقة او دولة فتفجيرات بروكسل رغم جهوزية الدولة كانت مفاجئة رغم كل الاحتياطات الامنية فلا شيء يوقف الانتحاريين، والتحذيرات من استفاقة خلايا نائمة في لبنان من قبل الدول الاوروبية والتقارير الغربية في هذا المجال امر واقع وحتمي.

قبل فترة استطاعت القوى الامنية ان تحقق انجازاً نوعياً بتوقيف ارهابيين تبين ان احدهم كان ينوي القيام بتفجيرات ضد مواقع عسكرية في الشمال اضافة الى تدريبات تلقاها على تفجيرات انتحارية مما اعاد الى الاذهان المخاوف بتفجيرات تطاول المناطق الشمالية وزعزعة الاستقرار فيها خصوصاً ان هذه المناطق هي دائماً في دائر الشبهات من المخاطر، فهل تصح المخاوف وما حقيقة الواقع شمالاً؟ تجيب اوساط سياسية شمالية ان التهديدات باجتياح لبنان من بوابة الشمال لتطبيق حكم الشريعة فيه وتحقيق حلم «الامارة» ليست امراً طارئا بل يتكرر في كل وقت ومرحلة وهذه التهديدات عادت تطرح نفسها ولها ارتباطات بما يحدث في الداخل السوري وعند اختناق المجموعات الارهابية في سوريا وحشرها وامكان تسللها الى بعض المناطق اللبنانية لتنفيس الاحتقان وبالتالي فان الشمال اللبناني والحدود اللبنانية هي النقطة الابرز ووجهة الاختيار الاساسية لهذه المجموعات او لتحرك عملائها في الداخل اللبناني .

ولأن الغوص في حجم وجدية هذه التهديدات وموضوعيتها هو الاساس ، ترى الاوساط ان كل المناطق اللبنانية عرضة للخطر و مهددة ولا تزال تحت سيف الارهاب وان كان بصورة اقل من المرحلة السابقة بعد ضبط التفجيرات الانتحارية وتهاوي شبكات ارهابية وتوقيف ارهابيين، ولكن كل الاحتمالات تبقى قائمة والسيناريوهات الافتراضية فالمعركة مع التكفيريين قائمة ولا يمكن انهاؤها في فترة محددة، ففيما كان القول السائد والتوقعات بان انتصار التكفيريين في مناطق معينة من سوريا فيما لو حدث سيترك تداعيات خطرة على الشمال اللبناني وخصوصاً المناطق المسيحية في الشمال التي ستكون اول من يتأثر بسقوطها حيث ستقوم المجموعات الارهابية لـ «النصرة» و«داعش» بفتح منفذ بحري على المتوسط من الشمال اللبناني، وحيث ان البيئة اللبنانية في بعض المناطق الشمالية جاهزة لمساندة التكفيريين في معركتهم ، فان معادلة اليوم هي في احتمال عودة الارهابيين للعب في الداخل اللبناني وعليه فان المخاوف على الشمال اللبناني هي ربما في محلها ولا تخفي الاوساط ان القيادات الشمالية تتعاطى مع الموضوع بحذر وخصوصاً رئيس تيار المردة سلميان فرنجية الذي لا يقلل من الاجراءات الاحترازية ويدعو مناصريه الى اليقظة وتطبيق الامن الذاتي في التعاطي مع حالات غريبة عن المنطقة. وليس سراً ان المناطق الشمالية المسيحية تتخوف منذ بداية المعركة السورية من تداعيات المعركة عليها سواء كانت نتائج المعركة سلباً او ايجاباً لصالح النظام كونها متاخمة وعلى الاطراف وان بعض القرى المسيحية في عكار متروكة وتعيش خارج اهتمام الدولة ويعصف بها التهميش ولا احد يسأل عن احوالها،و المناطق المسيحية الشمالية لها تاريخ طويل مع الارهاب الذي اختبرته قبل اي منطقة اخرى قبل سنوات عندما لم يكن احد يسمع بـ «النصرة» و«فتح الاسلام» و«القاعدة» من مجزرة الضنية الى حرب نهر البارد واحداث طرابلس وقادة المحاور. وما يتم كشفه في التحقيقات مع الموقوفين بحسب مصادر امنية عن معلومات في غاية الخطورة والدقة تبقى غالباً محاطة بالسرية ، ويكفي تصفح مواقع التواصل الاجتماعي المخصصة ل «نعي» لمقاتلين من مدينة طرابلس كانوا يقاتلون في سوريا والعراق لتبيان الخطر المحدق بتلك المناطق وعليه فان القيادات الشمالية تصر على نشر التوعية الامنية والتنسيق مع القيادات الامنية لدرء الخطر عنه، كما تعتمد على شبابها وقديمي عسكرها وعلى الانتشار العسكري للقوى الامنية على مساحات اوسع من قبل كي لا تضرب المجموعات الارهابية في المناطق الرخوة امنياً فعرسال وجرودها معززة بالقوى الامنية وانتشار حزب الله في وديانها وجرودها الوعرة، الامر الذي لا ينطبق على الوضع المسيحي في حيث ان المسيحيين لا يملكون القدرات القتالية الملائمة وبالتالي ثمة مخاوف حقيقية الى حد ما تهدّد مصيرهم بعد طرد الاشوريين من ارضهم في سوريا وبعد مأساة مسيحيي نينوى وما تقوم به «داعش» من محوللحضارة والثقافة المسيحية في البلدان والمناطق التي سيطرت عليها الارهاب..

فالمخاوف واقعة من احتمال انتقال العدوى الى شمال لبنان بعدما ثبت ان حزب الله أمسك المناطق البقاعية والجيش عزز وجوده فيها، ومن يصيب المسيحيين في مرحلة ما ما اصاب هؤلاء المسيحيين بعدما تحول لبنان الى اكبر تجمع او التجمع الوحيد لمسيحيي الشرق. المخاوف تصبح اكثر واقعية مع التسريبات عن نيات «داعشية» كانت موضوعة لاحتلال قرى وبلدات مسيحية لضرب المعنويات اللبنانية وتسجيل اختراق بعدما عجز المسلحون وفشلوا في مشروع «امارتهم الاسلامية» الموعودة عرسال وفي الكثير من المناطق اللبنانية ….