حفل الاسبوع الماضي بمجموعة من المواقف والإشارات التي يمكن أن تحمل خرقاً في المشهد السياسي الداخلي المأزوم.
فمنذ تفجر الحراك المدني في الشارع في وجه أزمة النفايات المتفاقمة من دون حل وما رافقها من استهتار على مستوى المعالجة، بدا أن الحراك بدأ يأخذ البلاد إلى وجهة مختلفة عن الوجهة الاساسية التي من أجلها تحرك الشارع. فالحراك الشعبي تجاوز أزمة النفايات ليتطلع إلى أزمة النظام وأزمة الحكم، فذهبت المطالب في اتجاه اسقاط النظام واستقالة الحكومة وصولا الى المطالبة بانتخاب رئيس جديد للجمهورية، فيما ظل ملف النفايات يراوح مكانه والنفايات تتكدس بعيدا من الانظار تحت الجسور وفي مجاري الانهر.
لم تبق تفاعلات الشارع محصورة في الداخل بل أثارت موجة عارمة من ردود الفعل الدولية التي استغلت هذا التطور الذي أخذ أحيانا منحى عنفياً لإعادة تسليط الضوء على ضرورة إنجاز الاستحقاق الرئاسي.
أكثر من محطة سُجلت على هامش هذا التطور، بدءا من موقف الاتحاد الاوروبي مرورا بالموقف الاميركي الذي بدأ من على باب السرايا عبر السفير الاميركي وصولا إلى بيان القمة للرئيس الاميركي باراك اوباما والعاهل السعودي الملك سلمان وقد تضمن في حيز منه موقفا من الوضع اللبناني ومن استحقاق الرئاسة. وقد تزامنت المواقف الاميركية والاوروبية والسعودية مع موقف مماثل عبّر عنه مجلس الامن الدولي وكان أعد له كلام لنائب الامين العام السفير جيفري فيلتمان.
وتتقاطع الاجواء الغربية والسعودية، المعنية الابرز بالملف اللبناني مع ما كشفه نائب وزير الخارجية الايراني للشؤون العربية والافريقية حسين أمير عبد اللهيان خلال لقاءاته الاخيرة في بيروت أمام رئيسي المجلس نبيه بري والحكومة تمام سلام عن مناخ إيجابي يسود العلاقات بين طهران والرياض وأن القيادة في المملكة قد أبلغت الجانب الايراني عن موافقتها على بدء الحوار بين الطرفين. وما لم يقله اللهيان عن موعد اللقاء ومكانه، كشفت عنه قنوات دبلوماسية اخرى بإشارتها إلى ترقب لقاء قريب بين وزيري خارجية البلدين قد يعقد على الارجح على هامش الاجتماعات السنوية للأمم المتحدة في نيويورك.
وتؤكد مصادر سياسية مطلعة أن ثمة تحركا جديا بدأ يتبلور بالنسبة إلى ملف الرئاسة اللبنانية وأن ثمة دفعا دوليا قويا من أجل أن يكون بنداً أساسيا ومثمرا على جدول أعمال اللقاء السعودي الايراني المرتقب، خصوصا في ظل التطمينات او الضمانات التي سمعها العاهل السعودي في لقاء القمة الاخير الذي جمعه بالرئيس الاميركي حيال تداعيات الاتفاق النووي على المنطقة عموما وعلى المملكة في شكل خاص.
لم يفت رادار الرئيس نبيه بري التقاط الاشارات الدولية التي تشي بتقارب سعودي – إيراني قريب على ابواب دخول الاتفاق النووي حيز التنفيذ مطلع السنة المقبلة، فجاءت الدعوة الى طاولة الحوار لملء الوقت الضائع والتحضير لمرحلة ما بعد الاتفاق، علما ان جدول أعمال الحوار حفل ببنود عدة ولم يعط الاولوية او الحصرية لبند الرئاسة. وهذا الامر فسرته المصادر السياسية بقولها انه لإفساح المجال امام المتحاورين في الوقت الضائع لملء الفراغ بنقاشات عقيمة على الارجح في الملفات المطروحة بما ان كل فريق حول الطاولة متشبث بموقفه ولن يحيد عنه قبل ان يظهر الضوء الاقليمي الاخضر على الرادار المحلي.
وهذا على الارجح ما دفع رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع الى عدم المشاركة في الحوار، واضعا شرطين يدرك جيدا انه في حال تحقيقهما تنتفي الحاجة الى طاولة
حوار!