يعيش لبنان هذه الايام هدوء ما بين عاصفتين، اذ بعد عاصفة لقاء معراب وتداعياتها على الملف الرئاسي، انتظار لعاصفة مجلس الوزراء الخميس، المتوقع أن تغوص في عدد من الملفات الشائكة، فيما لا يزال الترقب يسود الأوساط السياسية بانتظار موقف تكتل التغيير والاصلاح، مع بقاء عقدة التعيينات الأمنية من دون حل، وبروز كلام عن إصرار العماد ميشال عون على تعيين بعض أعضاء المجلس العسكري. كل هذا في وقت أعرب فيه الرئىس تمام سلام عن استعداده لإدراج الملف على ملحق بجدول أعمال الجلسة، بما يرضي عون وفريقه ويسمح بلمّ الشمل الحكومي.
وسط هذه الاجواء، انعقد الحوار الثنائي بين «المستقبل» و«حزب الله» في جولة مسائية جديدة حضر فيها الملف الرئاسي طبقا رئيسيا، سيشكل محور نقاش ايضا في جلسة الحوار الوطني غدا،على وقع تصعيد ازرق نهارا نعى الفائدة من ضرورة استمرار هذا الحوار، على رغم انكشاف كل الاوراق التعطيلية التي استخدمت منذ بدء الشغور الرئاسي.
وفي ما يعكس عمق الازمة وعدم وجود اي ثغرة من شأنها ان تخرق الانسداد التام في الجدار الرئاسي، ولو ان المبادرات والتسويات كرت تباعا في الآونة الاخيرة، اختصر مشهد «الزجل التويتري» بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع حقيقة الواقع الرئاسي المأزوم الذي يتجه وفق المعطيات المتوافرة، الى تعقيد اضافي.
فعاصفة الطقس التي جمدت في طريقها القرارات السياسية، الموضوعة اساسا في الثلاجة، لاختلاط الأوراق وتداخل التحالفات وتبدل الحسابات، طرحت اكثر من سؤال مع ترحيب الجميع بالشق السياسي التصالحي لاعلان معراب، والتساؤل أو الرفض أو الاستمهال لشقه الرئاسي، لتصب في سيناريو عدم الانتخاب في جلسة الثامن من شباط، مع قفز نائب النوايا «القواتية»- «العونية» المفتوحة ، فوق التساؤلات لتسويق مبادرة معراب، وتسجيل وزير العدل أشرف ريفي موقفا متقدما لا يعبر عن سياسة «التيار الازرق»،مصعدا إلى حدود نسف التزامات الرئيس سعد الحريري الرئاسية والسياسية.
وإذا كان الإنتخاب الرئاسي غير مرجحٍ في الجلسة البرلمانية الخامسة والثلاثين في الثامن من شباط، فإن جلسة لمجلس الوزراء ستعقد الخميس المقبل، بدعوة من الرئيس تمام سلام، الذي عاد الى بيروت بعد تحرك في بروكسل ومرافعات في دافوس، بجدول أعمال متخم بثلاثمئة وتسعة وسبعين بندا، خلت مما حكي عنه بأنه شبه اتفاق، يقدم التعيينات العسكرية كبند نوايا حسنة على جدول الأعمال، قبل ان تترتب أوراق المشهد السياسي اللبناني، ويتوقف القصف الكلامي على مختلف الجبهات.
ومع عودة الحكومة السلامية المفعلة الى واجهة المشهد، وفي انتظار انضاج اتصالات الرئاسة، اشارت مصادر برتقالية الى ان اكتمال نصابها السياسي يبقى قيد الدرس حتى اللحظة الاخيرة، إذ يبقى مرهونا بالتزام الجميع بالاتفاق المبرم عشية الجلسة الأخيرة بتعيين ثلاثة أعضاء في المجلس العسكري، فـ«تكتل التغيير والاصلاح» لا يزال يعول على التزام المعنيين بهذا الاتفاق، وسط استمرار التوصل مع كل الحلفاء، وخصوصا الرئيس نبيه بري، لبلورة الموقف»، مبدية خشيتها من وجود قطبة مخفية بالتنسيق والتعاون بين الرئيس سليمان والحريري بالتعاون مع رئيس الحكومة ووزير الدفاع تقضي بان يطرح الاخير التعيينات خلال الجلسة من خارج جدول الاعمال، بعدما يكون وزراء الرابية قد تغيبوا، لاظهار التيار بمظهر المقاطع للمجلس وللحكومة، وبالتالي تمرير تعيين من يطرح اسماءهم الوزير سمير مقبل بالتنسيق مع العماد جان قهوجي، في محاولة واضحة للتضييق على خيارات رئيس تكتل الاصلاح والتغيير العماد ميشال عون.
اوساط وزارية مطلعة اكدت أن «التطورات الدبلوماسية» التي شهدتها نهاية الاسبوع الماضي، سترخي بثقلها على الجلسة، حيث من المتوقع أن يثير بعض الوزراء نأي وزير الخارجية جبران باسيل بلبنان عن البيان الذي أدان إيران،الذي يرتد سلباً على لبنان واللبنانيين، ويزيد من شرخ علاقات لبنان بدول الخليج، وعودة المطالبة بإبعاد اللبنانيين من تلك البلدان العربية، كاشفة عن ان الاتصالات لم تؤد إلى أي شيء ملموس على صعيد ترطيب الأجواء، متخوفة من أن تنعكس قضية إحالة سماحة إلى المجلس العدلي سجالاً داخل الجلسة، تؤثر سلباً على الأجواء التي يسعى الرئيس سلام لإشاعتها في إطار تفعيل عمل الحكومة.
اللبنانيون مهتمون بأخبار العاصفة الثلجية أكثر من الاهتمام بالمآل الذي بلغه الموضوع الرئاسي الانتخابي خصوصا وان هذا الموضوع يراوح مكانه في مثلث الترشيح لعون وفرنجيه وهنري حلو،ما لم يتحول الى مربع وما ابعد من ذلك من أشكال وأرقام بانتظار مثلث آخر فرنسي – سعودي – ايراني، قد يتحول بدوره الى مربع اذا ما اضيف اليه الاميركي.
اما التناقض فسمة الانتظار، وخلط الأوراق جعل الأنظار تتوجه إلى جلسة الخميس، علما ان ليس في الأفق ما يشير إلى انها ستكون الأخيرة، كما ان جلسة الثامن من شباط لن تتوج بانتخاب رئيس للجمهورية، حسب ما اكد استاذ عين التينة، لكن الأكيد ان المرحلة حتى هذا التاريخ وما بعده، ستكون مرحلة جوجلة موازين القوى، وكسر جليد التحالفات المتحركة على صفائح ترشيحي الحريري لفرنجية، وجعجع لعون.
فهل يشارك وزراء «التيار الوطني الحر» و«حزب الله»؟ وعلى أي اساس؟ وهل يمر قطوع التعيينات الأمنية أم انه سيبقى سيفا مسلطا فوق رقبة الوفاق الحكومي والسياسي؟