IMLebanon

هل تُحسم معركة الرقة أم تحتاج مزيداً من الوقت؟

 

يزداد الوضع الميداني سخونةً مع استمرار العمليات العسكرية للجيش السوري مدعوماً بغطاءٍ جوّي روسي لاستعادة الرقة توازياً مع هجوم قوات «سوريا الديموقراطية» مدعومةً من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة على منبج، في ظلّ جمود العملية السياسية وتوقف مفاوضات جنيف السورية للتوصل إلى حلّ سياسي للأزمة السورية.

وفي السياق، أكّد المُحلّل العسكري العميد المتقاعد إلياس حنّا، في حديث لـ«الجمهورية»، أنّ «هناك مُثلّثاً في المسرحَين العراقي والسوري كناية عن الفلوجة – الموصل – الرقة، وهذه أهمّ ثلاث أماكن لوجود تنظيم «داعش»، مضيفاً: «هناك حربان في هذا المثلّث يدوران على «داعش»، واحدة في الرقة والثانية في الفلوجة، في انتظار بدء معركة الموصل لاحقاً، ما يعني أنّ «داعش» تحت ضغط عسكري كبير على جبهات عدّة».

وأوضح أنّ «التنظيم يُقاتل على جبهات عدّة حول الرقة، فقوّات «سوريا الديموقراطية» التي تضمّ أكراداً وعرباً يهاجمون من الشمال بدعم أميركي جوّي إستخباري لوجيستي، ومواكَبين بقوات خاصة أميركية»، مؤكداً أنّ «هذا ما يُبرّر الزيارة السرّية لقائد القيادة الوسطى الأميركية، الجنرال جوزيف فوتيل، لشمال سوريا منذ نحو أسبوعين».

وتابع: «في الوقت نفسه، تتّجه هذه القوات الديموقراطية السورية الكردية العربية نحو منبج باتجاه الغرب توازياً مع معركة تحصل في مدينة مارع في محافظة حلب بين داعش والمعارضة، بينها «جبهة النُصرة»، مُشدّداً على أنّه «إذا خسر التنظيم منبج ومارع ولاحقاً أعزاز، يعني خسارته التواصل الجغرافي المباشر مع تركيا».

أمّا جنوباً، فدخل الجيش السوري للمرّة الأولى منطقة الرقة الإدارية، وهدف الفوج 550 الوصول إلى مطار «الطبقة» الذي، في حال وصله، يصبح قريباً من الرقة حيث يمكن إنشاء مقرّ عملاني عسكري للطيران، وفق ما أفاد حنّا. ولفت إلى أنّ «هدف المقرّ تطويق الرقة من حلفاء الجيش السوري، منهم الحرس الثوري الإيراني وعناصر من «حزب الله» اللبناني ومستشارون روس وبدعم جوّي روسي، وذلك تطبيقاً لما قاله الرئيس الأميركي باراك أوباما سابقاً إنّه يريد تخفيض قدرات داعش وبالتالي تدميره، ثمّ الإنتقال إلى مرحلة بعيدة المدى للدخول إلى مدينة الرقة».

وأشار العميد المتقاعد إلى أنّ «هدف النظام السوري أيضاً تطويق حلب للدخول اليها لاحقاً، لذلك تُقصف حلب»، معتبراً أنّه «من دون شكّ هناك تنسيق أميركي – روسي خلال معركة شبيهة توجد فيها قوات جوّية تُنفّذ عمليات على المسرح نفسه تُحارب العدوّ نفسه»، مضيفاً: «هذا الإجراء يُسمّى قواعد الإشتباك، ما يعني أنّ الطرفين على علمٍ بعملياتهما العسكرية المنفردة لكن من دون وجود تنسيق مباشر بينهما».

إلى ذلك، أكّد حنّا أنّ «في حال استعاد النظام الرقة وطوّق حلب، فهذا يُعطيه مزيداً من الشرعية له ويعطيه كلمة مهمّة جداً على طاولة المفاوضات»، مشيراً إلى أنّ «في المدى البعيد سيدخل النظام الرقة بطريقة غير مباشرة عبر الروس والإيرانيين وحزب الله».

لكنّه استدرك قائلاً إنّ «هذا الأمر سيكون مكلفٌ جداً، فلا يمكن توقّع دخول مدينة في يوم أو يومين من دون خسائر». وشدّد على أنّ «المرحلة الأولى تطويق الرقة ومن ثمّ يمكن حصول الحلّ السياسي حيث تتعامل الدولة السورية السياسية المستقبلية مع الرقة، لكنّ دخول النظام إلى المدينة أمرٌ مستبعد».

وفي ما يتعلّق بأخذ أوباما مكاسب عبر استعادة الرقة قبل نهاية ولايته، أشار حنّا إلى أنّ «المشكلات لن تُحلّ بالطريقة التي يعمل بها أوباما، خصوصاً ليس قبل أن يرحل وهو ليس على عجل لحلّها»، مضيفاً أنّ «هدف الرئيس الأميركي هو أخذ مكاسب إذا حُلّت المشكلات خلال ولايته، ووضع الأسس السياسية للرئيس المقبل إذا لم تُحل».

لا تنسيق

في المقابل، أعلن المُحلّل العسكري العميد المتقاعد أمين حطيط لـ«الجمهورية»، أن «لا تنسيق بين الأميركيين والروس في شأن العمليات في سوريا، لأنّ أميركا لا تستطيع أن تخوض معارك مُنسّقة مع روسيا بسبب التناثر والتناقض بين أهداف كُلّ طرف».

وأضاف أنّ «أميركا تسعى في سوريا لشيء غير الذي تسعى اليه روسيا، فإذا دخلا في عملية مشتركة، هل سيكون هدفهما متطابقاً؟»، موضحاً: «طالما ليس هناك توافق في الأحداث، فليس هناك أيضاً عمليات مشتركة ميدانياً».

وتابع أنّ «التنسيق الذي يحصل، هو «تنسيق سلبي» بالمفهوم العسكري، أي منع الصدام والاحتكاك كي لا تدخلا في حرب»، مؤكداً أنّ «هناك تنافساً وتسابقاً على الميدان السوري».

وفي ما يتعلق بالرقة، لفت حطيط إلى أنّ «المعركة مقسّمة إلى 3 مراحل: الريف ثمّ الطبقة ثمّ الرقة، وأنجز نصف المرحلة الأولى، وعلى ضوء التطوّرات الميدانية، تُنفّذ المرحلتان الثانية والثالثة»، مُشدّداً على أنّ «داعش في سوريا وضع على «مشرحة التصفية»، لكنّ السؤال هو: مَن البديل عن داعش؟ هل هي الدولة السورية الموحّدة أم المشروع الأميركي للتقسيم».

وتابع أنّ «الأميركيين لا يعملون من خلال أشخاص بل مؤسسات، لكن من الناحية الشخصية لأوباما، أيّ رئيس أميركي لا يحبّذ تركَ ولايته الثانية منضوية على إخفاق أو خسارة ويريد إغلاق ولايته بصفحة بيضاء».