Site icon IMLebanon

هل يخدم «التصعيد الشارعي» الاستحقاق الرئاسي؟!

تقاطعت المواقف بين «التيار الوطني الحر» وحزب «القوات اللبنانية» في العديد من النقاط المتعلقة بالاستحقاق الرئاسي… إلا أن الأيام القليلة الماضية أفرجت عن «أفكار» لم تكن في وارد أي أحد، تمثلت في اعلان مسؤولين في «التيار» و«القوات»، عن «نية تصعيدية» تحت مظلة «الديموقراطية» او باسمها، «للضغط على القوى السياسية لانتخاب رئيس جمهورية». وليس أي رئيس للجمهورية، بل رئيس تكون له «حيثية شعبية واسعة» في اشارة واضحة الى (الجنرال السابق) النائب ميشال عون»…

إذا حصل ذلك، فسيكون خرقاً في «اللعبة السياسية» المتداولة… وإعادة الحياة الى «لعبة الشارع» حيث لن تكون هناك أي ضوابط او ضمانات بأن الأمور ستعبر بسلام وبنتائج كما يتطلع اليها الفريقان الشريكان في «اعلان النيات» ومن بعده تبني الجنرال عون مرشحاً لرئاسة الجمهورية، بعدما تنازل رئيس «القوات» سمير جعجع عن هذا الخيار لأسباب من بينها قطع الطريق على خيار الرئيس سعد الحريري ترشيح رئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية.

يشدد الفريقان «التيار» و«القوات» على أن الحراك سيكون بشكل «سلمي وحضاري لايصال الصوت» الى كل من يعنيه الأمر، بأن الأمور ما عادت تحتمل، ولا بد من انتخاب رئيس للجمهورية، وهو الرئيس المسيحي الوحيد في المنطقة كلها؟!

لم يوضح المعنيون ماذا يعنون بـ»حضاري»، لكن ان يكون «سلمياً» فمسألة نسبية، لاسيما وأن أحداً لا يمكن ان يضبط الشارع ويحميه من أي خروقات، وهل التعبير في الشارع سيأخذ شكل تظاهرات، أم دعوات الى الاضراب العام، أم الاثنين معاً، وهل من ضمانات بأن الشارع سيتجاوب بكليته، وماذا لو رفض البعض هذا الخيار، فماذا سيكون وضع المناطق التي للفريقين فيها حضور لا يحظى بغالبية كافية؟!

الواضح، ان وراء هذه الدعوة ما وراءها، وهي في جوهرها رسالة بالغة الدلالة، خلاصتها «رفض تهميش المسيحيين والتعبير عن استقلالية خيارهم في هذا الاستحقاق وعدم الارتهان الى أي فريق آخر…» والسؤال الذي يحضر هنا، هل اتفق «التيار الحر» و»القوات اللبنانية» على هوية من الذي يعطل انجاز الاستحقاق الرئاسي؟! خصوصاً وان «القوات اللبنانية» ترمي الكرة في ملعب «حزب الله» وتحمله مسؤولية التعطيل وتجهر بصوت مرتفع ان «الحزب لا يريد الجنرال عون… بل لا يريد انجاز الاستحقاق الرئاسي بانتظار اشارة او موافقة من ايران…»؟! هذا مع العلم، ان «حزب الله» حتى اللحظة، متمسك بالجنرال عون ولا يحيد عن خياره لأسباب عزاها الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله، الى «القيم الأخلاقية والمبدئية والسياسية…» وهو لايزال يكررها من دون ان يقطع «شعرة معاوية» مع النائب فرنجية الذي هو من «أهل بيت 8 آذار»؟!

على ما بات جلياً، فإن الجنرال عون، الذي «يملك» أكبر كتلة نيابية مسيحية متمسك بترشيح نفسه الى الآخر وهو يقاطع الجلسات الرئاسية، ويتضامن معه في ذلك «حزب الله»، وآخرون… و«حزب الله» على ما أفصح السيد نصر الله، لا يملك حق الاملاء او قدرة الاملاء على عون، وماذا عليه ان يفعل، يبقى او يتنازل من أجل افساح الطريق أمام خيارات يتفق عليها… هكذا، يكون «التيار الحر» (الذي سيشارك في «الانتفاضة الشعبية» المزعومة) شريكاً لـ»حزب الله» في تعطيل انعقاد الجلسات المخصصة لانتخاب رئيس… وهما يتقاسمان المسؤولية في ذلك، فإذا كان لا بد من حراك على الارض، وفي الشارع، من أجل انجاز الاستحقاق الرئاسي خصوصاً في «البيئة المسيحية فجيب ان يكون في وجه «التيار» الذي بات، كما الجميع، على قناعة بأن فرص وصول العماد عون لرئاسة الجمهورية باتت مستحيلة إلا اذا تمكنت «القوات» من اقناع «حلفائها» في 14 آذار بخيارها العوني فيكون حصل على الغالبية العددية المطلوبة؟!

هناك من يعتقد بأن الحديث عن هذا «الحراك» هو محض «بروباغندا» اعلامية، لا أكثر ولا أقل… او محاولة «لشد العصب المسيحي» او لاظهار المسيحيين في لبنان بأنهم باتوا في وضع غير طبيعي، ولا بد من تحرك احتجاجي على ما آلت اليه الأمور عبر رسائل الى سائر الشركاء، ومعظمهم من الطوائف الاسلامية – المحمدية.؟!

كما ان هناك قناعات، لدى عديدين، بأن توجيه الدعوة الى «كل المسيحيين» للتحرك الاحتجاجي لن تكون مجدية، وكل المسيحيين من خارج «القوات» و»التيار الحر»، في وضع مختلف وهم موزعون بين أحزاب وتيارات وقوى ومرجعيات لا تتقاسم «الرؤية المشتركة» بين شريكي «اعلان النيات» المعرابي… وهم يتحفظون، بل يعارضون أي حراك يأخذ هذه الصيغة الطائفية الحادة، التي قد تأتي بنتائج عكسية، وقد قلب الجنرال عون أولوياته، من رئاسة الجمهورية الى قانون انتخابات نيابية جديد، يضمن له غالبية مطلوبة، ويحرره كما يحرر «الافرقاء المسيحيين» من قبضة القوى الأخرى، ويكون هذا القانون باب العبور الى الانتخابات الرئاسية علّه يعيد خلط الأوراق بما يكفل «لجنرال الرابية» تحقيق رغبة العمر في الوصول الى قصر بعبدا؟!