لم يكن قد مضى وقت طويل على لملمة القاع، أمس، شهداءها ونقل جرحاها إلى المستشفيات، حتى علت أصوات تطالب بترحيل اللاجئين السوريين في البلدة وفي مشاريع القاع التي تعتبر امتداداً لها. هذه المطالبة تأتي على خلفية ترجيح فرضية قدوم الانتحاريين الأربعة من «مشاريع القاع»، برغم عدم حسم القوى الأمنية هذه الفرضية حتى الآن.
يوجد في «مشاريع القاع» نحو 25 ألف لاجئ سوري، بينهم فقط تسعة آلاف و800 لاجئ من المسجّلين في قيود مفوضية اللاجئين.
قبل الأزمة السورية لم يكن محرّك البحث على «غوغل» يلحظ «مشاريع القاع» كمنطقة. عرفت «المشاريع» شهرتها الكبرى مع انتشار «فيديوهات» على «يوتيوب» تتحدث عن وصول مئات المسلحين إليها في العام 2012، هي التي تحدّ جوسيه السورية، التي كانت أحد معاقل المسلحين في القصير وريفها قبل سيطرة الجيش السوري و «حزب الله» عليهما.
حتى اليوم، ليس هناك من سجلّ عقاري باسم «مشاريع القاع». نحن نتحدث هنا عن تلك الأراضي المترامية على الحدود اللبنانية السورية والتي عرفت الموجات الأولى للاجئين على خلفية ارتباطها بعرسال ديموغرافياً مع وجود نحو ألفي عرسالي يعيشون في مشاريعها الزراعية، وكذلك وجود نحو 20 ألف عامل سوري في أراضيها أتوا بأقاربهم.
دور «مشاريع القاع» في بداية الحرب السورية كان كبيراً. جزء كبير من النازحين كان يعيش نهاره كنازح وليله كمسلّح يهاجم نقاط الجيش السوري و «هجّانة الحدود»، ويهرّب المسـلحين عبر الطرق الجبلية الوعرة.
مع سقوط القصير وجوسيه والنزارية وغيرها من القرى الحدودية الملاصقة لـ «المشاريع»، وتمكّن الجيش اللبناني من قطع معظم خطوط التهريب بينها وبين عرسال. بعدها، خفَّ نشاط «مشاريع القاع» من دون أن تضمحل البيئة الحاضنة للمعارضة السورية خصوصاً في منطقة «الجورة» الواقعة على يمين الطريق الدولية من القاع إلى سوريا.
تمتد اراضي «مشاريع القاع» المتنازع على ملكيتها، على حدود نهر العاصي، ولا تبعد أكثر من الف متر عن الحدود السورية.
يذكر أن استثمار «المشاريع» بدأ في الستينيات مع اكتشاف خصوبة أراضيها. وكان أهل عرسال بقطعانهم من أوائل الذين قصدوها مع أهل القاع، ومع الوقت، اشتروا اراضي فيها، الأمر الذي يردّ عليه «قاعيون» بقولهم إن البعض من العراسلة «وضع يده على الأراضي»!
ومهما اختلفت الأراء حول ما حصل في «مشاريع القاع»، إلا أن الثابت أنه مع فصلها عن عرسال عسكرياً، نحا البعض إلى التعامل مع «المشاريع» على اساس انتهاء مهمة المسلحين فيها. يتسلح مناصرو هذا الرأي بمعطى يفيد أن كل شاويش في كل مشروع زراعي لديه لائحة بكل سوري مقيم في «المشاريع» ومكان سكنه وعمله، وأن هذه الملفات باتت كلها بيد القوى الأمنية.
كل هذا لم يُزل مخاوف أهل القاع من وجود خلايا نائمة برغم سهر القوى الأمنية ومراقبتها للحدود. يتسلح هؤلاء بأسئلة يعتبرونها محقّة على غرار «أين تبخّر المسلحون.. وهل تحولوا إلى خلايا نائمة»؟