Site icon IMLebanon

هل يوقف صوت سلام مشروع التوطين؟

أسئلة ومخاوف من «الكَرَم» المالي الدولي

هل يوقف صوت سلام مشروع التوطين؟

  أثارت زيارة الأمين العام للأمم المتحدة ومرافقيه المصرفيين الدوليين الى لبنان، أسئلة مشروعة لدى الوسط السياسي عن توقيتها وأهدافها وجدواها، والمواقف التي طرحت خلالها والمبالغ التي تقررت للبنان والاتفاقيات التي عُقدت بسرعة قياسية، خاصة بعدما أعلن رئيس الحكومة خلال حفل العشاء التكريمي للوفد الأممي رفض لبنان المطلق لتوطين النازحين، وهو ما أثار أيضاً مزيداً من الريبة في احتمال أن يكون الضيف الأممي قد مرّر، بطريقة ما، طلباً او «تمنياً» سبق ورفضه لبنان بتوطين النازحين.

ومن المفيد التذكير أن مشروع التوطين، ولو المؤقت للنازحين السوريين في لبنان ودول جوار سوريا، سبق وطُرح للمرة الأولى في مؤتمر برلين للدول المانحة قبل سنتين، وتمّ التحضير للمشروع بزيارات ومشاريع ومسودات اقتراحات مكتوبة حاول الألماني تمريرها بخفة وبدعم تركي وقتها، لكن تصدّى لها لبنان بشدة في المداولات المقفلة، وانسحب الأمر ذاته على المؤتمر الثاني للمانحين في الكويت العام الماضي، وأخيراً في مؤتمر لندن قبل نحو شهرين، لكن الفارق أن أوروبا لم تكن وقتها تعاني أزمة النزوح الخطيرة التي تعانيها اليوم، والتي تحوّلت في جزء منها الى أزمة أمن، مع أن مرتكبي الاعمال الارهابية في اوروبا لم يكونوا من السوريين.

وما دفع اوروبا في مؤتمر لندن الى فتح مصارفها وخزائنها لدعم لبنان بنحو مليار ونصف المليار دولار على أربع سنوات، من اصل 12 ملياراً للدول المضيفة (تركيا والاردن وسواهما). ومن ثم البنك الدولي وبنك التنمية الاسلامي، امس، بنحو 500 مليون دولار، هو محاولة رشوة لبنان لإبقاء النازحين السوريين وغير السوريين لديه على الاقل مدة خمس سنوات، مع تقديم كل متطلباتهم الاجتماعية والصحية والتربوية وصولاً الى توفير فرص العمل لهم ولو بنسبة معينة قليلة من كامل حجم العمالة في لبنان. كما أن الأموال المقررة قبل ذلك في السنوات السابقة والمقدرة بنحو ملياري دولار، لم يصل منها حتى اليوم الا نحو مليار واحد وخلال السنوات الثلاث الماضية، بينما الحاجة هي الى اضعاف ذلك.

واذا كان صوت تمام سلام المرتفع، مساء امس، برفض التوطين، قد عبّر عن موقف لبناني رسمي ديبلوماسي متشدّد، فإن ما تردد عن أن مقاطعة وزير الخارجية للمحادثات التي جرت مع بان كي مون، كانت أيضاً في احد اسبابها نوعاً من الاعتراض على ما يروج له الوفد الأممي، والذي سبق وسمعه وزير الخارجية مراراً خلال السنوات الماضية – كما سمعه سلام – سواء في عواصم الدول المانحة او خلال أعمال الجمعية العامة للامم المتحدة أواخر السنة الماضية والسنة التي سبقتها.

كما أنه اذا كان لبنان بحاجة فعلاً الى هذه الاموال التي أُغدقت عليه هذه السنة، إلا أن الخطير فيها أمران:

اولاً ان بعض الاموال التي اعلن عنها البنك الدولي والبنك الاسلامي جاءت على شكل قروض ولو بفوائد ميسرة او بفائدة صفر، حسب طبيعة المشروع، وليست هبات، وهو أمر يدعو ليس للحذر فقط بل للذعر، لأن قروض البنك الدولي عادة ما تكون مشروطة بشروط خطيرة وقد تمس سيادة الدول المدينة.

الأمر الآخر، إن هذه القروض والهبات جاءت في ظرف ضاغط على لبنان سياسياً واقتصادياً بحيث لا يستطيع رفضها، ما يُخشى معه أن يُضطر الى التغاضي عن بعض الإجراءات التي تصب عملياً في خانة إبقاء النازحين فترة طويلة، ولو تحت عنوان غير عنوان التوطين، خاصة أن لا لبنان ولا أي من الدول المضيفة لا تستطيع أن تفرض شروطاً على المانح في كيفية صرف منحته، بل كل ما يمكن أن تطلبه تسريع الحل السياسي في سوريا لتسريع عودة النازحين إلى ديارهم آمنين.

يبقى أن موقف سلام امس وقبله موقف باسيل، بإعلان رفض التوطين واعتبار وجود السوريين في لبنان هو «وجود مؤقت يجب أن يزول بزوال مسبباته»، هو موقف سياسي وأخلاقي تجاه سوريا وأهلها اولاً، وتجاه لبنان واهله ثانياً، بما يضغط نحو تسريع الحل السياسي. فهل يصل صوت لبنان إلى المعنيين الدوليين؟ الجواب في الأشهر القليلة المقبلة