تجمع الاوساط السياسية على ان الجلسة المقبلة لانتخاب رئىس للجمهورية سيكون مصيرها مصير سابقاتها لاسباب محلية منها واقليمية كون الكلمة الفصل في الطبق الرئاسي ترتبط ارتباطا عضويا بالميدان السوري ومجرياته، حيث بلغ التضامن اشده بين الجيش السوري وحلفائه الذين قلبوا المعادلات على ارض الواقع بعد تحرير تدمر ومدينة القريتين الاستراتيجية قاطعين طريق الامداد «لداعش» ومشتقاته من الرقة عبر البادية السورية مضيقين الخناق على فلول التنظيم التكفيري اثر تقطيع اوصاله ما يضع المسلحين التكفيريين في الجرود العرسالية وجبال القلمون في حالة حصار بالاضافة الى اهتزاز الهدنة في ارياف حلب وتوعد غرفة عملياتها «بفتح نيران جهنم على المسلحين» اثر اسقاط طائرة سورية واسر طيارها على يد «جبهة النصرة» ما يطرح الاسئلة حول مصير «مؤتمر جنيف» اثر التوافق الروسي – الاميركي على عدم البحث راهنا في مصير الرئيس السوري بشار الاسد.
وتضيف الاوساط ان موسكو باتت اللاعب الاقوى على المسرح السوري وفي المنطقة وصاحبة الكلمة الفصل في كثير من القضايا وفي طليعتها الطبق الرئاسي في لبنان وربما هذا الامر دفع الرئيس سعد الحريري الى زيارتها بهدف تسويق مرشحه الرئاسي النائب سليمان فرنجية في وقت كان فيه الاخير يزور مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار الذي اقام مأدبة غداء تكريمية له ولعل اللافت ان الشعار اسرف في كلمته مديحا لفرنجية مناديا اياه «بفخامة المرشح الزعيم سليمان فرنجية» وقد كرر اسم فرنجية مرفقا اياه بصاحب الفخامة عدة مرات واذا كان الشعار قد غالى في الترحيب فليس الامر غريبا انما الغريب ما جاء في فحوى كلامه الذي اعتبر فيه ان «انتخاب الرئيس من الموارنة والمسيحيين خروج عن الانتظام العام» ولم يعد امام اللبنانيين الا ان يتوافقوا على النائب فرنجية ما دفع بعض المراقبين الى التساؤل عما اذا كان الشعار اراد الرد على تمسك «حزب الله» بترشيحه العماد ميشال عون حاصرا به جميع الحلول الممكنة لانجاز الاستحقاق الرئاسي بحيث لا يستطيع احد تجاوزه في هذا الملف.
وتشير الاوساط الى ان كلام مفتي الشمال لم تأتِ نتائجه وفق ما اراد بل ترك ردة فعل لدى المسيحيين باصرارهم على التمسك بعون كرئىس للجمهورية ولكن المفاجأة تمثلت بكلمة فرنجية الذي اعتبر ان «الاقوى في الطائفة يمكن ان يكون خطيرا على لبنان» ما اعاد الى الاذهان المقولة التاريخية لمؤسس حزب «الكتاب اللبنانية» الشيخ بيار الجميل «قوة لبنا نفي ضعفه» وربما تبني هذا الشعار ايام «المارونية السياسية» اوصل المسيحيين الى واقع التهميش والاحباط بحيث تحول الموقع الرئاسي الاول الى موقع بروتوكولي وتحولت الحلبة المحلية الى برج بابل الآيل الى السقوط اذا لم تحصل معجزة فكيف يمكن ان يكون «الاقوى خطرا على لبنان».
وتقول الاوساط ان الرئيس الراحل فؤاد شهاب كان «الاقوى» بين كل الرؤساء اللبنانيين منذ الاستقلال حيث نجح في لملمة ذيول احداث 1958 مطلقا دولة المؤسسات رغم احاطته «بأكلة الجبنة» ولا يزال كلامه في نهاية عهده يلبس طابع الاعجوبة «نجحت في بناء دولة وفشلت في بناء وطن» واذا كان فرنجية قد حذّر من «الاقوى في طائفته فقد اعترف في كلامه انه ليس «قويا» وان حصر الزعامة المسيحية بالاقطاب الاربعة في بكركي لم يكن في مكانه الواقعي كون الساحة المسيحية تتقاسمها بنسبة 80% الثنائىة العونية – القواتية وان وصول عون او فرنجية الى بعبدا يشكل استحالة في الظروف الراهنة وان كفة الرئيس التوافقي قد تكون المخرج لهذا المأزق على قاعدة ان يكون شبيها بشهاب ليقود حواراً شيعيا – سنيا ينقذ من خلاله البلد المتموضع على كف عفريت.