IMLebanon

هل تصل دعوة كرامي الى عون وفرنجيّة؟

 

من تابع الحركة السياسية في مدينة طرابلس في الايام القليلة الماضية،يتلمس حجم المتغيرات على هذه الساحة الشمالية من عاصمة لبنان الثانية التي عادت لتأخذ دورها في الحياة السياسية اللبنانية من خلال مواقف قال عنها وزير التربية الياس بو صعب في حفل عشاء اقامه الوزير فيصل كرامي على شرفه في منتجع البالما: «انها مواقف وطنية كبيرة تمثل طرابلس واهل طرابلس وانها طرابلس التي تشبهنا وتعطينا صورة مشرقة عن هذه المدينة»..

ولعل المواقف التي اطلقها الوزير فيصل كرامي في الحفل المذكور شكلت اضاءة على جملة ملفات اساسية هي محور اهتمام القيادات والقوى السياسية اللبنانية والاقليمية والدولية وقد وضع كرامي اصابعه على اوجاع اللبنانيين الوطنية في اللقاء السياسي اللافت الذي اقامه تكريما لوزير التربية الياس بو صعب بما يمثله بوصعب من اتجاه سياسي واضح ينسجم مع نهج الوزير كرامي الذي كان واضحا في ما اعلنه من مواقف حيال الرئاسة الاولى وحيال الملف اللبناني الاستراتيجي ملف الغاز وحيال دعم الجيش المؤسسة التي تواجه الارهاب وتشكل صمام الامان لسيادة ووحدة لبنان.

ثمة مؤشرات تنبىء عن مستقبل الحياة السياسية في طرابلس والشمال من خلال مواقف كرامي من جهة، ومن خلال اللقاء الذي جمعه مع بوصعب ومع ممثل الرئيس نجيب ميقاتي دون الممثلين لنواب وشخصيات طرابلسية اخرى حيث تم حصر الدعوة بثوابت الحلف السياسي التأسيسي القائم بين  ميقاتي وكرامي باعتبار ما تبقى من قيادات هي رهن الظروف السياسية المقبلة.

ثلاثة ملفات تناولها كرامي في كلمته الجامعة التي يمكن ان تعتمد خارطة طريق ليست على مستوى طرابلس والشمال وحسب، بل على مستوى الساحة اللبنانية برمتها،

فقد كان لافتا ما اطلقه  قد ترقى الى ما تشبه المبادرة حيال ازمة انتخاب رئيس الجمهورية ووضعها بين يدي  بو صعب لكونه – حسب رأي كرامي – معروف بالانفتاح والحوار وتدوير الزوايا ومواجهة الاختلافات بالبحث عن نقاط التلاقي، فكرامي من الفريق السياسي الملتزم بتأييد عون للرئاسة، وهو ايضا من الفريق السياسي الذي يتمنى تأييد فرنجيه، وإذ تجنب التمييز بينهما فقد رأى كرامي ان «الطابة» ليست عند هذه الدولة الاقليمية او تلك، وليست عند حزب الله او تيار المستقبل، بل هي – اي «الطابة» – عند العماد عون والوزير فرنجيه.

ولذلك وجه كرامي دعوة لهما «باسم المحبة والصداقة والايمان بجدارتهما ووطنيتهما أن يجتمعا ويتحاورا ويتفقا».. وهل هي اعجوبة؟.. يتساءل كرامي، لكنها اعجوبة تتحقق اذا ارادا عون وفرنجيه ..

لكن برأي كرامي ان الانقاذ الحقيقي لا يكون الا بقانون انتخابات نيابية يعتمد النسبية لانها العدالة وكل كلام عن الديموقراطية التوافقية هو الفساد بعينه، لان التوافق حسب رأيه لم ينتج الا الانهيار والفساد، وكان كرامي جريئا حين وصف طاولة الحوار الوطني بحوار الطرشان بل اصبحت «علب بانادول» منتهية الصلاحية.

  اما مقاربة كرامي ملف الغاز ففيها الكثير من ارث الرئيس الشهيد رشيد كرامي ومن ارث والده الراحل عمر كرامي في التمسك بالثوابت الوطنية والقومية ،حين اكد ان اليد الصهيونية اذا ارادت ان تمتد الى ثروتنا «سنقطعها ..وفهمكم كفاية ..» لافتا الى ان العدو الصهيوني لو كان قادرا على سرقة ليتر واحد من الغاز لما تأخرت لحظة ..ويكشف كرامي عن محاولة اسرائيلية لسرقة الغاز بالحيلة من خلال بنود مشبوهة تطرحها بعض الشركات ابرزها بند يؤجل استخراج الغاز من احد البلوكات المحازية للمياه الاقليمية الفلسطينية بانتظار تسوية لاحقة مع الكيان الصهيوني فيعلن صراحة ان هذا الكلام مرفوض وباطل ..

ويطرح كرامي ايضا مبادرة دعم الجيش اللبناني كونه المؤسسة الوحيدة الناجية من شرور الطائفية والمذهبية والمناطقية ويستحق كل الدعم والمؤزارة لمنع الارهاب الذي يستهدف تدمير لبنان وتحويله الى ساحة ملحقة بالصراع الدموي مقترحا التمويل الذاتي حيث الاولى ان تطلق الحكومة ومعها المجتمع اوسع واضخم حملة لتمويل الجيش،غامزا من قناة جمعيات تنظم ماراتونات ومهرجانات سياحية تحصد عشرات ملايين الدولارات من اجل السياحة وغير السياحة، فلماذا لا تحول هذه الملايين الى المجهود الحربي للجيش الذي يواجه الارهاب ويحمي سيادة لبنان وسلمه الاهلي؟..

بوصعب من جهته شكلت كلمته ومضات وطنية وقومية وتميزت بالصراحة والجرأة والوضوح في الرؤية لمشكلات السياسة في لبنان بدءا مما يدور في مجلس الوزراء من نقاشات اقلها تلك المتعلقة بقضية تثبيت المعلمين وجرأته في دعوته الى وقف ما اسماه «السرقة والهدر» وحيث تصرف الملايين على مشاريع وصفقات و«تشحذ الحكومة عندما يتعلق الامر بقضية الاساتذة».

ولم يتوان بو صعب عن الاعتراف بان كثيرا من القضايا تطبخ خارج مجلس الوزراء وكأنه يوجد حكومة ظل وعلى سبيل المثال ما اسماه سيناريو وزير الدفاع الاخير.

وإذ اثنى على ما قاله كرامي لدعم الجيش دعا بدوره الى دعم جيشين هما الجيش اللبناني وجيش الاساتذة.

ويأسف حين يعترف صراحة ان قرار انتخاب رئيس الجمهورية ليس قرارا محليا بل هو قرار يأتي من الخارج واللبنانيون تحولوا الى منفذين لاي قرار خارجي يتعلق بالرئاسة.

اللافت في صراحة بوصعب وبل وجرأته ما كشفه ان معظم الوزراء اليوم في الحكومة يتحدثون عن «الحدود اللبنانية -الاسرائيلية» في وقت شدد فيه الوزير كرامي على تعبير واضح هو «الحدود اللبنانية – الفلسطينية» قائلا: هذا ما يجمعنا بالوزير فيصل كرامي .. «وفهمكم كفاية…».