كلمة المطران العنداري في قداس شهداء المقاومة اللبنانية في معراب يوم الاحد الماضي، لم تأخذ حقها كاملاً من الانتباه والتعليق والنشر، على الرغم من ان العنداري كان يمثل البطريرك بشاره الراعي في القداس، وحملته على المسؤولين في الحكم، كانت لافتة في حدّتها ووضوحها، بحيث ذكّرت الكثيرين بمواقف البطريرك التاريخي مار نصر الله بطرس صفير، وتجاوب معها الالوف في معراب وخارج معراب، وقد تكون كلمة رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع النارية، قد اخذت من وهج كلمة العنداري التي كانت متطابقة مع كلمة جعجع في محطات عدة، يضاف الى الكلمتين، كلمة البطريرك الراعي امس وهو يدافع عن المدارس الخاص المهددة بالاقفال، عندما اتهم المسؤولين بانهم «افرغوا الخزينة في جيوبهم ويتحججوا ان الخزينة فارغة».
ما لم يقله جعجع في قداس معراب، فجّره في الاجتماع الاقتصادي في بعبدا، عندما اكد ان الحكومات المتعاقبة فشلت فشلاً ذريعاً، وهذه الحكومة خسرت ثقة اللبنانيين، ومن المستحيل ان تنجح بمنع الانهيار، ودعا الى تشكيل حكومة جديدة من الخبراء والاقتصاديين، وان تدعم من الاحزاب والكتل النيابية.
طرح جعجع، فسّر من كثيرين بانه خطوة باتجاه استقالة وزراء القوات اللبنانية من الحكومة التي تحولت الى حلبة صراع وسجالات ومحاصصة ليس الا، ومما كان لافتاً في توقيته، هجوم صحيفة السياسة الكويتية على الترويكا الجديدة التي حولت لبنان الى دولة بثلاثة رؤوس مما يثير استغراب كل من يزور لبنان من مسؤولين عرب واجانب، لانهم ملزمون بالقيام «بزياّح الصليب» الى الرئاسات الثلاث، كما كان لافتاً ان كاتب المقال احمد الجارلله، اتهم رئيس الحكومة سعد الحريري بأنه «يفتّّش عن دور تخلّى عنه طواعية، من أجل ان يبقى في سدّة رئاسة الحكومة…».
* * * *
ينقل عن أحد الديبلوماسيين العرب، قوله ردّاً على سؤال لاقتصادي لبناني في لقاء جمع عدداً محدوداً من الاصدقاء، «لماذا لا تبادر الدول العربية الصديقة الى مساعدة لبنان الذي يمرّ بأصعب فترة منذ مدة طويلة، لأن الدول العربية فتحت ابوابها اكثرمن مرة أمام الحكم في لبنان، ولكنه كان دائماً يغلق هذه الابواب، بمواقف عدائية تجاه هذه الدول، ولذلك ضعفت كثيراً الثقة بالطبقة السياسية الحاكمة».
هذا القول لا يختلف كثيراً عمّا تقوله الدول الغربية الصديقة، في اكثر من مناسبة، واذا كان المبعوث الفرنسي بيار دوكان المكلف متابعة تنفيذ مقررات «سيدر»، يلتزم احياناً بديبلوماسية الكلام، الاّ ان ذلك لا يمنعه من الاشارة الى «سلحفاتية» عمل الحكومة، والى عدم اخذ خطوات شجاعة في وقف مزاريب الهدر والفساد، التي أشير اليها في مؤتمر سيدر، والدولة تعرفها وتتجاهلها.
في نهاية المطاف، هل تدخل الدولة قريباً في الحيط؟