هل يعلم رئيس مجلس النواب نبيه بري، وامين عام حزب الله السيد حسن نصرالله، ان هناك ثغرة بدأت تتسع بين المكوّن المسيحي وبين المكوّن الشيعي، وهما مكوّنان كانت دائماً علاقتهما تمتاز بالتقارب والتفاهم ضمن صيغة العيش المشترك في المناطق والبلدات والقرى والاحياء التي تشهد حياة مختلطة بين المسيحيين والمسلمين، حتى في اصعب فترات الحرب التي شهدها لبنان؟؟
وهل هما على اطلاع من المقرّبين الناصحين، ان الأمور ليست على ما يرام، منذ فترة ليست بالقصيرة، عندما بدأ المسيحيون يتعرّضون للخطف والقتل والاعتداء في شكل منهجي، في البقاع وخارج البقاع، والى ضغوطات لا تحتمل يمارسها شبان شيعة، اثناء ممارسة المسيحيين، طقوسهم الدينية وعاداتهم وانماط حياتهم، او في الاستيلاء على ممتلكات واراض لهم، ومنعهم حتى من الوصول اليها؟؟؟
وهل يشعران بالألم والغضب اللذين يتحكّمان باهالي المناطق ذات الاكثرية المسيحية، عند حرمانهم من الانماء المتوازن في ما يتعلق بالطرقات احياناً، كما هو الواقع اليوم، او في التعامل مع الموظفين المسيحيين في الوزارات والدوائر الرسمية التي يشغلون؟؟
وحتى لا ندخل في التفاصيل والتوسّع المؤلم، هل يعتقد الزعيمان الشيعيان، ان مقاربتهما للتفاهم بين حزبي القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر، هي مقاربة تساعد في حماية صيغة العيش الواحد، ام انها مقاربة تترك شعوراً لدى محازبي الحزبين خصوصاً، والمسيحيين عموماً، ان الشيعة لا يريدون ان يتوقف الخلاف بين المسيحيين، ولا يريدون لهم ان يستردّوا بعضاً من حقوق حرمهم منها النظام الامني اللبناني ـ السوري، حليفهم السابق وصديقهم الحالي، وفي هذا المجال يلاحظ المسيحيون، ان حرباً تشنّ على التفاهم، وشروطاً توضع على العهد الجديد، بأن تسهيل الطريق امامه، مشروط ليس فقط بفك تحالف التيار والقوات، بل بتحجيم دور القوات في الحكومة والحكم، وغداً في الانتخابات النيابية.
* * * *
في متابعة بسيطة لصفحات وسائل التواصل الاجتماعي، التي غالباً ما تعبّر عن احاسيس الناس وتوجهاتهم ومواقفهم، يبدو واضحاً ادانة «التعطيل الشيعي» لتشكيل الحكومة، وعرقلة مسيرة العهد الجديد، من اكثرية ناشطين في التيار الوطني الحر ومستقلين، بما يعني عدم قبول مسيحي للعراقيل التي يضعها الثنائى الشيعي، وتمسّك بالتفاهم بين القوات والتيار، الذي اعاد الروح للحالة المسيحية المحبطة، وتصميم على حماية هذا التفاهم الذي يجب ان يؤخذ على انه دعامة قوية في مسيرة اعادة لملمة الدولة المفككة، الا اذا كانت النيّة الوقوف في وجه هذه المسيرة، عن طريق محاولة اجهاض التحالف المسيحي بين قوتين اساسيتين في هذا المكوّن الذي كان له دور اساس في قيام لبنان الكبير.
* * * *
اهمية التفاهم المسيحي، انه لم يكن تفاهماً انعزالياً، فهو منذ اللحظة الاولى، مدّ اليد، ليس الى الاحزاب والقوى المسيحية الاخرى فحسب، بل ايضاً الى باقي مكوّنات هذا الوطن، وفي المقدمة الى حركة امل وحزب الله، لينزع منهما هاجس حصول تحالف مسيحي قوّي مع تيار المستقبل ذي الغالبية السنيّة، بحيث تتشكّل وحدة وطنية حقيقية، وليس وحدة وطنية مصطنعة، هدفها ان تكون حصان طروادة في قلب الحكومة، وفي كل حال، لم يفت الوقت بعد، على انقاذ الوحدة الوطنية، اذا كان هناك رغبة حقيقية بذلك، فرئيس الجمهورية العماد ميشال عون، فتح ابواب قصر بعبدا امام المتخوفين وهواجسهم في رسالته الابوية، ويفترض، اذا كان هناك حسن نيّة لدى الجميع، ان يلبّوا دعوة الرئىس، وان يعيدوا لصيغة العيش المشترك قوة البقاء والاستمرار.