ذات مرة اعتبر قانون الستين انتصاراً للمسيحيين واعادة للحق الى اصحابه، ومرة اخرى اعتبر كارثة ووبالاً على المسيحيين واسقاطاً لحقهم في التمثيل العادل. واستبدل قانون الستين بمشاريع قوانين لم يتفق عليها المسيحيون اولاً، لانها لا تخطط لسنوات مقبلة بقدر ما تحقق مصلحة آنية لطرفي التحالف الذي عوض ان يستوعب الاخرين ويضمهم الى احضان الاتفاق، عاد بطرفيه الى المنطق الالغائي الذي تسبب ببلاء كبير للمسيحيين لا تزال تداعياته ماثلة الى اليوم. في زحلة كانت المحاولة الاولى، ثم تكررت في دير القمر، وهي تتمدد، وكانت لتنفلش اكثر لو صدق المعنيون ان الانتخابات ستجرى في مواعيدها واستعدوا لها كفاية.
اتفقوا مع غيرهم على تجاوز قانون الستين وتبني نظام “أمثل” يعتمد النسبية خياراً، لكنهم عادوا واختلفوا على النسبية. هل يكون نظاماً نسبياً كاملاً ام مختلطاً؟ وهل يعتمد الصوت التفضيلي؟ وما سيكون حجم الدائرة في النظام الجديد؟. الاسئلة كثيرة ولا أجوبة واضحة تقول للشريك في هذا الوطن ان هذا ما يناسبنا، فتعالوا الى كلمة سواء فيه، نفيد منه ولا يصيبكم ضرر شديد. أما ان نعلن مشيئتنا ونمضي دونما مراعاة لمصالح مواطنينا من مجموعات طائفية أو سياسية اخرى، فهو من ضرب من الانتحار اذ ان أي مكون لبناني قادر على التعطيل، فكيف اذا التقت مصالح أكثر من مكون ضد ارادة أحد الاطراف؟.
ليس في هذا الكلام استسهال، وليس فيه استسلام، ولا مذلة، ولا ذمية، بل رغبة حقيقية في المضي باعتماد قانون انتخاب عصري يتيح لنخب هذا المجتمع ان تطل من بوابة مجلس النواب، ويفسح في المجال لتمثيل كل الشرائح، ويدرب الناس على الديموقراطية، ويحترم مكونات البلد جميعها ويراعي مصالحها الكبرى من دون حساباتها الصغيرة.
أما الواقع الذي يخشاه اللبنانيون حالياً، فهو ان تتلاقى مصالح سياسيين على العودة الى قانون الستين لئلا يفتحوا الطريق امام وجوه جديدة، أو ان يستمر الخلاف على القانون الجديد فيكون الحل بابقاء القانون الساري حالياً. وفي كلتا الحالين، مؤامرة على اللبنانيين وعلى اراداتهم، ومؤامرة على لبنان ليبقى في الحضيض.