مع تصاعد التوتر الأميركي الإيراني في الخليج، بالتوازي مع الاعتداءات الإرهابية التي تطال المصالح السعودية والإماراتية، تتزايد المخاوف من انزلاق الأمور إلى مواجهة عسكرية بين واشنطن وطهران، لا يمكن التكهن بنتائجها على المنطقة ومنها لبنان، وإن كان هناك فريق لا يزال يستبعد خيار الحرب لتكلفته الباهظة، ولعدم قدرة الأطراف المعنية على تحمّل تداعياته، حيث يمكن النظر إلى ما يجري برأي هذا الفريق، بأنه مجرد تهويل لتحسين ظروف التفاوض على الملف النووي الإيراني في مرحلة لا تبدو بعيدة.
وبالنظر إلى خطورة ما يجري في الخليج، فإن المنطقة ووفقاً لما تقوله أوساط قيادية بارزة في حزب «القوات اللبنانية» لـ«اللواء»، قد «دخلت في مرحلة جديدة تختلف عن كل سابقاتها في ظل إصرار أميركي كبير على دفع إيران وإلزامها بتغيير دورها، حيث أن واشنطن وضعت ثلاثة شروط أساسية هي: تعديل الاتفاق النووي، وقف إطلاق الصواريخ الباليستية ووقف نشاطات إيران في المنطقة من خلال أذرعها التي تبدأ مع الحوثيين ولا تنتهي مع حزب الله»، مشيرة إلى أن «الولايات المتحدة تضع إيران أمام ثلاثة خيارات، وهي أنه في حال عدم تجاوبها في ظل العقوبات الشديدة، ستتعرض لأزمة داخلية تؤدي إلى إسقاط النظام، وفي حال حاولت الهروب إلى الأمام فإنها ستذهب إلى حرب، تعرف طهران جيداً أن هناك استعدادات لمواجهتها عسكرياً في المنطقة ولا مصلحة لها بالذهاب إلى حرب مع الولايات المتحدة، ما سيضعها أمام الخيار الثالث وهو العودة إلى طاولة المفاوضات، وهو المرجح أكثر من غيره، وهذا ما يفرض على إيران الاستجابة لعدد من الشروط التي وضعتها الإدارة الأميركية، والتي لا يمكن التهرب منها».
وتشير إلى أن «ما يجري يؤشر إلى أننا ذاهبون إلى وضع جديد، حيث أن واشنطن وفي موازاة هذا الضغط الكبير على إيران، تستعد لإعلان صفقة القرن، وهذا يقود إلى الاعتقاد أنه مع نهاية هذا الشهر، فإن المنطقة تكون قد دخلت في مرحلة ساخنة للغاية»، مشددة على «ضرورة احترام لبنان لسياسة النأي بالنفس، أي أن على حزب الله أن يلتزم بقرار الحكومة اللبنانية النأي بالنفس بشكل تام ومطلق، وفي حال تم هذا الالتزام ولم يحصل تجاوز له، فإن الصراع سيبقى خارج إطار لبنان، وبالتالي فإن لا تداعيات في حال الالتزام بسياسة النأي بالنفس، أما في حال عدم الالتزام فستكون هناك تداعيات بالتأكيد، أي دفع لبنان إلى حروب لا ناقة له فيها ولا جمل».
وتعتبر الأوساط، أنه «ينبغي حصر الصراع القائم بين الولايات المتحدة وإيران من أجل أن تجلس إيران على طاولة المفاوضات، وأن تلتزم بالأجندة الدولية، أي أن تتحول إلى دولة على غرار دول المنطقة، تتمتع بدور إقليمي تحت سقف الشرعية الدولية، وليس انطلاقاً من الخلفية الثورية التي تضرب كل مفاهيم السيادة والاستقلال»، مشددة على أن «لا مصلحة لإيران في الذهاب إلى حرب مع الولايات المتحدة، لن تكون نزهة بالتأكيد»، ومؤكدة أن «ما جرى من خلال الاعتداء على المملكة العربية السعودية، وقبله على السفن في الإمارات مقلق للغاية، وما صدر من تحذيرات عن الرئيس الأميركي دونالد ترامب وعدد من القيادات السعودية والخليجية، بعد اتهامات أولية لإيران وحلفائها بالوقوف وراء هذه الاعمال، ربما قد يجعل الأمور محصورة بهذا السقف، لإن الايراني يعلم أن ترامب على استعداد لأن يذهب حتى النهاية في أي مواجهة عسكرية، باعتبار أن الرئيس الأميركي مرتاح في إدارته، مقابل أن وضع إيران الاقتصادي الدقيق لا يسمح لها بشراء الوقت لفترة طويلة، ما يعني أننا أمام ستة أشهر حاسمة».
ولا ترى هذه الأوساط أن هناك أبعاداً أخرى لزيارة مساعد وزير الخارجية الأميركية دايفيد ساترفيلد، سوى أنه جاء لمتابعة ملف ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل، «كون واشنطن مهتمة بهذا الموضوع، وهي تعمل جدياً على هذا الملف من خلال رسائل متبادلة، تبين نتيجتها أن الإدارة الأميركية تعطي أولوية لملف الترسيم، بالتوازي مع الأفكار الجديدة التي طرحها لبنان بهذا الخصوص».