عون لا يستطيع إلزام «حزب الله» بمفاعيل تفاهماته
هل يتساهل تحالف «التيار» ـ «القوات» مع «الستين»؟
يفترض كثيرون، ومن بينهم معنيون بالتأليف الحكومي، ان الحكومة الاولى في العهد ستكون قصيرة العمر، ولن تمضي أكثر من سبعة اشهر في السلطة، باعتبار انها محكومة بالاستقالة بعد انجاز مهمتها الاساسية، وربما الوحيدة، وهي إجراء الانتخابات النيابية في نهاية أيار المقبل.
وعلى أساس هذه الفرضية، هناك من يعتبر انه يجب تسهيل تشكيل الحكومة وعدم إرهاقها بحمولة زائدة، تتجاوز حدود دورها في الاشراف على الانتخابات، سواء من حيث الأحجام الوزارية او التوقعات التي ينصح البعض بابقائها متواضعة.
لكن شخصية سياسية مسيحية تنبه الى ان هذه الحسابات النظرية قد لا تصح على أرض الواقع، لافتة الانتباه الى ان عمر الحكومة ربما يطول اشهرا إضافية، إذا تم وضع قانون انتخاب جديد، من شأنه ان يفرض تمديدا تقنيا للمجلس النيابي، من أجل إعداد المتطلبات اللوجستية لتنفيذ القانون وتهيئة الناخبين للتعامل معه، وبالتالي فان توازنات الحكومة المقبلة يجب ان تخضع الى هندسة دقيقة، تحسبا لكل الاحتمالات، خصوصا انها ستكون معنية أيضا بإجراء تعيينات في عشرات المراكز في الادارة والقضاء والامن وحماية الاستقرار الامني النسبي واحتواء أعباء النزوح السوري ومعالجة قضايا اجتماعية ومعيشية لا تحتمل التأجيل الى ما بعد الانتخابات.
أما في حال استعصى الاتفاق بين الاطراف الداخلية حول تقسيم الدوائر والنظام الانتخابي، وبالتالي تم استدعاء «الستين» من «الاحتياط»، لاجراء الانتخابات في موعدها، فان ذلك سيكون، وفق الشخصية ذاتها، بمثابة ضربة للعهد بمجمله وليس للحكومة فقط.
وتشير الشخصية المعارضة لتحالف «التيار الحر» – «القوات اللبنانية» الى ان «فائض القوة» المترتب على التفاهم بين هاتين القوتين يمكن ان يدفع رئيس الجمهورية او «التيار» و «القوات»، الى التساهل مع احتمال تجديد خلايا «الستين»، على قاعدة ان هذا التحالف سيسمح لطرفيه باكتساح الدوائر المسيحية وتعزيز حضورهما في مجلس النواب من خلال كتلتين وازنتين، وصولا الى التقليل من مساوئ القانون القديم.
ولكن الشخصية تحذر من انه مهما تحسن تمثيل «التيار» و «القوات» في المجلس النيابي المقبل، بموجب «الستين»، فانه لن يكون كافيا لتحقيق التوازن الحقيقي وتصحيح الخلل في التمثيل، سواء على المستويين المسيحي او الوطني، بل انه سيؤدي الى اصطفاف القوى الاساسية في الطوائف الاخرى، وتكتلها، في مواجهة الفريق المسيحي.
وتعتبر الشخصية، المنتمية الى حزب «مشاغب»، انه لم يكن مطلوبا ان يحتذي «التيار الحر» و «القوات» بتجربة «أمل» و «حزب الله» في اختزال الشارع الشيعي، لافتة الانتباه الى ان الثنائي المسيحي المتفاهم يحاول ان يحاكي نموذج الثنائي الشيعي في العمل السياسي، وذلك على حساب التنوع والتعددية اللذين تُعرف بهما الساحة المسيحية، ويشكلان أحد أبرز علاماتها الفارقة، في حين كان يُفترض بالآخرين ان يقتدوا، هم، بحيوية هذه الساحة وديناميتها.
وتشير الشخصية إياها الى ان معركة استعادة الحقوق المسيحية في الدولة، كشرط إلزامي لتحقيق التوازن الوطني، لا تُربَح بالضرورة من خلال اعادة الإحياء السياسي لمعادلة «من كفرشيما الى المدفون»، بكل ما تنطوي عليه من تقوقع وشد عصب طائفي، مشددة على ان استعادة الحقوق تتم بالدرجة الاولى عبر بناء الثقة مع الآخر والانفتاح عليه.
وتبدي الشخصية نفسها خشيتها من ان يكون تفاهم «التيار» و «القوات» مرتكِزا فقط على تقاسم السلطة والمكاسب، لافتة الانتباه الى ان ما تسرب عن مفاوضات تشكيل الحكومة يعطي انطباعا بان اتفاق الطرفين المسيحيين، إنما استند الى وعود او اوهام تتعلق بحصص معينة في الحكم، سرعان ما تبين انه لا يمكن لجهة واحدة ان تبت بها او تمون عليها.
وتلفت الشخصية المسيحية الانتباه الى ان الرئيس ميشال عون الذي يرتبط بتحالف أيضا مع «حزب الله»، يعرف جيدا ان الحزب ليس ملزما بمفاعيل تحالفات «التيار الحر» مع قوى أخرى، كما سبق ان أكدت قيادته، وانه ملتزم فقط بإيصال الجنرال الى قصر بعبدا وبما يلتقيان حوله منذ العام 2006، وليس أكثر او أبعد من ذلك.