تتباين التقديرات الإسرائيلية لمصير الهدنة في سوريا والحرب على تنظيم الدولة الإسلامية والمستقبل السياسي لسوريا، والدور الذي تلعبه روسيا هناك على الصعيدين العسكري والسياسي. وبينما بدأت أوساط أمنية إسرائيلية تتحدث عن مؤشرات تدل على تراجع نفوذ تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا في الأشهر الأخيرة، وأن الانتصار على التنظيم اصبح مسألة وقت فقط، برز قبل يومين تصريح لوزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعالون استبعد فيه انتهاء الحرب في سوريا في وقت قريب.
ينبع الاهتمام الإسرائيلي بما يجري في سوريا من أمرين أساسيين: حرص إسرائيلي كبير على ألا تؤدي أي تسوية مستقبلية في سوريا الى تمكين إيران و”حزب الله” من ان يكون لهما وجود في هضبة الجولان، والأمر الثاني التأكد من أن الروس سيمنعون مستقبلاً انتقال أي سلاح متطور من سوريا الى “حزب الله”.
يجمع أكثر من خبير ومحلل إسرائيلي على أن الانسحاب الروسي من سوريا ليس نهاية التدخل العسكري بل تغيير في شكله وطريقة عمله، وانطلاقاً من هذه الفرضية يرسمون أكثر من سيناريو لمستقبل سوريا السياسي.
يرى الخبير في شؤون سوريا أيال زيسر أن وقف النار والاعلان الروسي عن سحب القوات هما بمثابة فرصة يستخدمها الروس من أجل تقويم الانجازات العسكرية التي حققوها حتى الان والتي، على أهميتها، لم تحقق الحسم العسكري، وللبحث في امكان معاودة المعارك من جديد اذا اتضح انه من الممكن تحقيق هذا الحسم العسكري من دون التورط في حرب استنزاف دموية لا نهاية لها. وفي رأيه أنه اذا اتضح للروس أنهم لن يستطيعوا تحقيق هذا الحسم، فإنهم سيعملون على توطيد الهدنة الحالية، وسيسعون إلى تطبيق ترتيبات سياسية موقتة يتم بواسطتها تقاسم السيطرة السياسية بين بشار الأسد الذي تمتد مناطق سيطرته من دمشق شمالاً نحو مدينة حلب والساحل العلوي ومدينة درعا جنوباً، ومنطقة خاضعة لسيطرة المعارضة السورية السنّية المعتدلة المدعومة من الولايات المتحدة والسعودية وتركيا، وحكم ذاتي كردي في شمال سوريا.
يتفق محللون في معهد دراسات الأمن القومي في إسرائيل مع وجهة النظر هذه، ويرون ان الحرب التي تخوضها الولايات المتحدة في شرق سوريا لاستئصال الدولة الإسلامية من هناك، تجري بالتفاهم مع الروس على المستقبل السياسي لهذه المنطقة بعد خروج “داعش” منها. وان مستوى التفاهمات السياسية بين موسكو وواشنطن أعمق وأوسع مما هو متداول ومعروف.
لا يهم إسرائيل مسألة بقاء الأسد أو ذهابه ولا مسألة تقسيم سوريا، ما يهمها حماية حدودها من إيران و”حزب الله” أولاً ومن التنظيمات الجهادية ثانياً.