Site icon IMLebanon

هل نستحق وطننا وتراثنا؟  

نود أن نصدّق أننا شعب فريد بين الشعوب.

ونود أن نقتنع بأننا وطن وحيد بين الأوطان.

ونود أن نؤمن بأننا البلد الذي خصه اللّه بالأرز.

ونود أن نبشّر بأنّ الأرز عندنا هو «أرز الرب».

ونود أن نسير على خطى الكبير سعيد عقل، رحمه اللّه، فنمزج الأسطورة بالتاريخ لنكون «وراء» الإنجازات العلمية والبطولية والطبية و (…) في العالم كله.

ولكن هذا كله، على إفتراض صحته، لم يوصلنا إلى حل أي أزمة من أزماتنا… فإذا كان ما تقدم ذكره صحيحاً فنحن أحفاد عاقّون للذين كانوا في هذه الربوع. والواقع أننا كلما واجهتنا مسألة حولناها الى قضيّة، والقضية «رقّيناها» الى أزمة، والأزمة إرتفعنا بها الى الذروة فباتت مأزقاً.

وأمام الواقع ذاته نكتشف أننا قد نكون عباقرة، ولكن في العيش مع الأزمات، وفي الفشل بإيجاد أي حلول. ولعلّنا، حسب سعيد عقل نفسه من «الموهوبين»… إلاّ انها موهبة في التفاهة! .

ولكي لا يُقال إننا نظلم أنفسنا أو نجلد أنفسنا، دعونا نأخذ أمثالا بسيطة، وفي الوقت ذاته بالغة الأهمية:

أولاً – النفايات. إن ما يجري على صعيد النفايات يكاد لا يصدّق. سنتان ونحن نتخبط في أزمة ليست أزمة، أو أقله يجب ألاّ تكون أزمة مهما كانت متفاقمة، ومهما فاحت منها الروائح الكريهة، بل الكريهة جداً… الروائح التي تزكم الأنوف وتلك التي تفوح من الصفقات والفضائح والإتهامات والدعاوى القضائية وتظاهرات الحراك المدني وما تخللها من المتظاهرين أنفسهم ومن الذين تصدّوا لهم.

وهل نحن وحدنا ننتج نفايات؟ وهل أنّ النفايات التي هي نقمة على الشعب هي نعمة (وأي نعمة) على أفراد؟!.

ذكرنا النفايات كونها عادت الى الواجهة، وبقوة، في ضوء الأحكام القضائية التي صدرت في الأيام الأخيرة، وخاتمتها يوم أول من أمس الثلاثاء.

ثانياً – التيار الكهربائي. في خلال حديثه مع نقيب ومجلس نقابة الصحافة تحدث الرئيس ميشال عون عن الكهرباء وشرح بعض التفاصيل التي ربما كان لها سابقاً فهم خاطىء. وباختصار: هل نحن وحدنا بين شعوب العالم وبلدانه، الذين نتعامل مع التيار الكهربائي؟! فلماذا «نتفرّد» بهذه الأزمة الإستثنائية بالرغم مما ينفق عليها من أموال طائلة؟ (…)!

ثالثاً – قانون الإنتخاب. وباختصار شديد: هل نحن البلد الوحيد الذي يجري إنتخابات نيابية عامة؟!. فلماذا أصبحنا عاجزين: 1 – عن إجراء الإنتخابات إذ إننا لجأنا الى تمديد وراء تمديد؟ 2 – عن إنتاج قانون إنتخابات، وقد مضت علينا ثمان سنوات ونحن نعلك الكلام حول هذا الموضوع المهم…(ورابعاً… وخامساً… وسادساً…).

وعود على بدء: صحيح أننا شعب فريد بين الشعوب، لأننا الشعب الوحيد الذي يخترع الأزمات من دون أسباب موجبة. ونحن وطن وحيد بين الأوطان لا يستحقه شعبه. ونحن وطن وحيد بين الأوطان عنده «أرز الرب» عن حق وحقيق… إن أشجار الأرز منتشرة في العالم كله، ومن يجتاز الطريق بين مطار هيثرو ولندن يجتاز غابات من الأرز… ولكنّ وطننا وحده ورد ذكره وذكر أرزه في الكتاب المقدّس، العهد القديم 75 مرة.

إنما من أسف أثبتنا، وبامتياز، إننا لا نستحق ذاك التراث العظيم.