أن يضرب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بيده على طاولة مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة سائلاً:
أين مواجهة الفساد التي وعدتم بها الناس؟
فهذا يعني أنَّ الرئيس غير راضٍ عما تحقَّق في هذا الملف منذ توليه سدة الرئاسة.
فرئيس الجمهورية كان أولى هذا الملف اهتمامه ووضعه نصب عينيه، وهو لهذا السبب بادر إلى استحداث وزارة هي وزارة الدولة لشؤون مكافحة الفساد، التي لم تُكافح شيئاً، بل كانت منصباً جديداً وراتباً أجد! صحيحٌ أنها وزارة دولة، لا حقيبة لها ولا هيكلية ولا مدير عاماً ولا رؤساء أقسام ولا آلية تنفيذية لعملها، ما يطرح السؤال:
إذاً لماذا استُحدِثت؟
لقد اكتشف الجميع أنَّ محاربة الفساد في لبنان ليست عمل شخص واحد، مهما كانت أهميته، بل هي عمل جماعي تتضافر فيه جهود كثيرين من نيابات عامة وأجهزة أمنية ووزارات الإقتصاد والعدل والداخلية وهيئات التفتيش والرقابة، وإذا كان كلُّ هؤلاء لم يتقدموا خطوةً فكيف لرئيس الجمهورية أن يتحرك؟
وهل تكفي هيبته وقوته المعنوية لتحلا محلَّ هؤلاء مجتمعين؟
مَن لا يتذكّر الشعار الشهير للعماد عون الذي قاله قبل انتخابه رئيساً للجمهورية من أنَّ البلد مسروقٌ وليس مكسوراً؟
الرئيس حمل معه هذا الشعار إلى قصر بعبدا، وفي كلِّ مناسبة، وفي كلِّ جلسة لمجلس الوزراء، كان يتصرف وفق روحية هذا الشعار، لكنه في المقابل لم يجد مَن يلاقيه في منتصف الطريق، وكان يعرف أنَّ آلية الحكم ليست صحيحة مئة في المئة، فمجلس النواب ممدد له، وشرعيته آتية من التمديد وليست وكالة من الشعب والحكومة، التي انبثقت عنه، لم يعتبرها الرئيس عون أنَّها حكومة العهد الأولى، وآليات الدولة كانت في حال يُرثى لها بعدما عاشت تحت الفراغ الرئاسي لسنتين ونصف السنة.
اليوم يأتي التحدي الكبير:
حكومة جديدة ستأتي بعد حكومة تصريف الأعمال الحالية، التي رفعت شعار حكومة استعادة الثقة حين تشكلت وحين أُنجِزَ بيانها الوزاري، ولكنها لم تُعالج ملفات الفساد التي كانت واضحة أمامها وضوح الشمس.
لا الرشاوى في الإدارات ضُبطت، ولا الإلتفاف على القانون توقَّف ولا سمعة الإدارة الرسمية تحسَّنت، فهل تُعوِّض الحكومة العتيدة المرتقبة ما فات؟
وهل سنعيش لنشهد خاتمة عصر الفساد؟