لم يكن مؤتمر الحوار الوطني افضل حالا من جلسات اللجان النيابية المشتركة، في بحث ما هو مطلوب لجهة قانون الانتخاب، باستثناء اتفاق المؤتمر واللجان على عدم التمديد للمجلس، وباستثناء رفض قانون الستين الذي يبدو وكأن الانتخابات ستجري على اساسه طالما تعذر الاتفاق على قانون بديل، اضف الى ذلك ان العودة الى الحوار في الثاني والثالث والرابع من آب المقبل لاستئناف البحث عن قانون جديد، لا يعني ان المؤتمر قد شارف على نظرة مقبولة لقانون الانتخاب الا في حال كان اجماع على النسبية الشاملة، فيما يرى المراقبون ان من الافضل والاقرب الى الواقع هو قانون المختلط اي النسبية والاكثرية الى حد اعتبار ذلك مقدمة لتجنب السجالات حتى اشعار اخر؟!
وما يثير التساؤل هو قول البعض ان مؤتمر الحوار الوطني قادر على التفاهم اكثر من قدرة اللجان النيابية مع العلم ان اللجان تمثل المشاركين في الحوار والعكس صحيح كي لا نقول ان العكس اسوأ، كنتيجة عملية واضحة للاكثرية التي هي مع النسبية الكاملة، بما في ذلك الاكثرية الكاملة التي من الواجب التفاهم حولها وعليها، كي لا تبقى الامور تدور في حلقة مفرغة بحسب ما حصل الى الان من نقاشات لا طعم لها ولا رائحة، هذا في حال كان قرار جدي يفهم منه ان قانون الستين اصبح وراءنا، من غير حاجة الى ادلة عملية على ذلك؟!
المهم من وجهة نظر من يفهم في لغة الاشارة ان الاتفاق على رفض قانون الستين اصبح بمثابة قرار سياسي مع علم من لم يعلم الى الان ان التأخر في اقرار القانون الجديد يعني حكما ان الانتخابات لن تكون الا حسب قانون الستين المتوفر حتى اشعار اخر، وهذا من ضمن التباينات التي يقال عنها انها بمستوى الخلافات الجذرية التي تعني الجميع بمستوى اللامنهجية السياسية التي تعني الاغلبية، لاسيما ان الكلام السياسي هو غير كلام التمنيات، فضلا عن ان جهوزية مجلس النواب لاقرار قانون جديد يفهم منه ان قانون الستين قد سقط نهائيا ولا مجال للعودة اليه مهما اختلفت الاعتبارات خصوصا بالنسبة الى ما يقال عن تفاهم منطقي وقريب للوصول الى قانون انتخابات جديد؟!
وما هو اكثر اهمية ان السياسيين الذين هم مع قانون الستين اكثر من اولئك الذين مع قانون جديد يمارسونه الى الان. من هنا يبدو الفرق بين ما هو معروف بالممارسة وبين ما يقال انه افضل من غيره بالتمنيات كذلك فان امورنا الداخلية العامة ستبقى عالقة الى حين اجراء انتخابات نيابية واستتباعها بانتخابات رئاسية لا تبدو في وارد احد الى الان حيث لا تفاهم على من هم في صف المرشحين رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون ورئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية اللذين باتا مقتنعين اكثر من السابق ان حظوظهما قد تراجعت بنسب كبيرة (…)
من هنا لا يكفي القول ان مجلس النواب قد اقر قانون الانتخاب قبل انتخاب رئيس الجمهورية او بعده، حيث لا مجال ابدا امام انتخاب رئيس للجمهورية اي ان هناك مشكلة مزدوجة قد لا تكون مقبولة الا في حال كسر احتكار الترشيح بالاثنين عون وفرنجية، وكي لا يقال ايضا ان مجالات الانتخاب مقتصرة على من يحضر جلسات الانتخاب طالما بقي سيف النصاب مسيطرا على كل ما له علاقة بجلسات الانتخاب، وهذه الامور بمجملها لا تبدو مهيأة للعمل السياسي الناجح والمقبول كي لا نقول العمل السياسي المرجو من غير حاجة الى اجواء مقبولة (…)
كذلك، فان صرف النظر عن كل ما من شأنه اقرار قانون انتخابات نيابية جديد، قد لا يسمح بتجاوز تعقيدات المرحلة الخارجية وهي من النوع الذي لا يشجع احدا على الخوض في التفاصيل السياسية، لاسيما عند القول ان حزب الله غير مؤهل ولا يريد النزول الى مجلس النواب ومثله نواب التيار الوطني الحر الذين يعرفون ان ورقة الجنرال قد سقطت نهائيا نتيجة التوغل في السلبية السياسية من دون حاجة الى القول ان تفاهم معراب قد اسس لتفاهم مسيحيي القصد منه انسحاب رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع من معركة رئاسة الجمهورية من لحظة تخلي تيار المستقبل عنه؟
من حيث المبدأ لا تشير المعلومات الى ان حزب الله قد تخلى عن مرشحه العماد ميشال عون، كذلك لا تشير المعلومات الى امكان تخلي تيار المستقبل عن النائب سليمان فرنجية، على رغم ما يتردد في اوساط قريبة من الجانبين لجهة استبعاد انتخاب رئيس في المستقبل المنظور وهذا الاستبعاد يبدو مقبولا لجهة الذين بلغوا سن الرشد السياسي القائل ان امورنا الداخلية قد تحولت الى عقدة دولية مستعصية الحل لعدة اسباب، اولها عدم استعداد حزب الله للتراجع عن تأييده العماد عون، وثانيها اصرار رئيس تيار المستقبل سعد الحريري على التمسك بالنائب فرنجية وثالثها ان مجالات انتخاب الرئيس باتت معدومة تماما؟!