على وقع رسائل الشارع باشاراتها ودلالاتها التي تذهب ابعد من المطالب الاجتماعية المعيشية، برزت تحولات بارزة على صعيد قانون الانتخابات ،قد تعيد خلط الحسابات، مع حسم موضوع الفراغ الذي وضع على الرف، وانحصار الخيارات في الستين، بعد فقدان التمديد لنصابه، رغم ان المعطيات قابلة للانقلاب في حال تم التوصل الى صيغة مشتركة في ربع الساعة الاخير، وفقا للطريقة اللبنانية المعتادة في مقاربة الاستحقاقات الاساسية.
واذا كان الاقتراب من انتهاء مهلة الخامس عشر من ايار قد سرع من وتيرة الاتصالات تزامنا مع ارتفاع معدل المشاريع الانتخابية المعروضة في بازار الوقت الضائع والتي ولد غالبيتها منتهياً تاريخ الصلاحية، تشي حركة رئيس الحكومة سعد الحريري من عين التينة الى بعبدا التي حط رحاله فيها، عن طبخة ما يعدها التيار الازرق تنطلق من سلبيتين، رفض التمديد ورفض الفراغ، في ظل ما رشح عن «مبايعته» لاقتراح النسبية الكاملة شرط درس التقسيمات الجغرافية ومسألة الصوت التفضيلي، بحسب مواكبة للجولة، والتي اكدت ان فشل «الطبخة» العونية – المستقبلية في اللحظات الاخيرة حول تقسيم المقاعد في بعض المناطق، دفع برئيس الحكومة الى الالتحاق بركب رئيس مجلس النواب، وتأييده لطرحه الغير معلن رسميا حتى الساعة، والقائم على النسبية الكاملة على اساس ست دوائر وانشاء مجلس الشيوخ مع الابقاء على المناصفة في مجلس النواب.
بيت الوسط التي ابلغت عبر قنواتها الخاصة حارة حريك باتصالاته وتراجعه عن السير بالتمديد مقابل رفضه للتأهيلي، اشارت مصادره الى ان لا قرار نهائياً قبل انتهاء الرئيس الحريري من جولته التي قد تمتد الى ما هو ابعد من المقرات السياسية، مطمئنة الى ان الرئاسة الثانية قررت التريث في مسألة السير بالتمديد في جلسة الخامس عشر من ايار في حال اتخاذ الخطوات الدستورية والقانونية التي لا تسقط هذا الحق من يد الرئيس بري.
اوساط سياسية وسطية كشفت بدورها ان مطالب الثنائي المسيحي التعجيزية لجهة تقسيم الدوائر ونقل المقاعد، ادت الى سقوط الاتفاق المبدئي الذي كان اعد اسسه رئيس التيار الوطني الحر ومدير مكتب رئيس الحكومة نادر الحريري والذي قضى بموافقة المستقبل على التاهيلي شرط ضمان مصالحه في الاطراف وبيروت، الا ان الساعات الماضية شهدت ولادة طرح جديد يدعو الى نقل بعض المقاعد المسيحية، ما اثار حفيظة الطوائف الاخرى التي بادرت الى المطالبة بدورها بنقل مقاعد طائفية، بشكل بات يهدد المناطق المختلطة ويؤدي الى فرز سكاني انتخابي نتائجه اقسى من ما كان سيؤدي اليه اعتماد الاورتوذكسي.
مقابل كل ذلك برزت استدارة حزب الله الواضحة، حيث كشفت مصادر مسيحية، ان حارة حريك عمدت خلال الساعات الماضية الى تعويم طرح التاهيلي مع بعض التعديلات ابرزها العودة الى صيغة الاعتماد لمرة واحدة استثنائية، مبلغة البرتقالي وفقا لقيادة الاخير بذلك، نائية بنفسها عن موقف الرئيس بري، معتبرة ان مسالة الفراغ انتهت مع رفض الحريري السير بالتمديد وتلويح رئيس الجمهورية بالمادتين 25 (إذا حُلّ مجلس النواب ويجب أن يشتمل قرار الحل على دعوة لإجراء انتخابات جديدة في مدة لا تتجاوز الثلاثة اشهر) و74 (إذا خلت سدة الرئاسة بسبب وفاة الرئيس أو استقالته أو سبب آخر، فلأجل انتخاب الخلف يجتمع المجلس فوراً بحكم القانون، وإذا اتفق حصول خلو الرئاسة حال وجود مجلس النواب منحلاً تدعى الهيئات الانتخابية دون إبطاء) من الدستور، ما يعني عمليا اكتمال مسرحية العودة الى قانون الستين بمباركة جميع الاطراف.
برفضه المشاركة في اقرار تمديد رابع لمجلس النواب في ظل مقاطعة القوى المسيحية، وضع رئيس الحكومة اللبنة الثانية في مشروع ترميم «الدوحة» بعد البطريرك الماروني، وقبل رئيس الجمهورية، وان كان المشوار امام اتمام الاخراج طويلا خصوصا ان السير بمضون الستين ونتائجه يفترض بعض التعديلات في الشكل «لتبلعه» الاكثرية المسيحية التي طالما ربطت عودتها الى المشاركة الحقيقية في السلطة وتحررها بدفن هذا القانون. فهل يسير حزب الله بالتأهيلي شكلا من دون الرئيس بري، كما فعل خلال الاستحقاق الرئاسي؟ لتنقلب المعادلات وتعاد صياغة التوازنات القائمة حاليا لاربع سنوات جديدة على قاعدة «الكل رابح».