IMLebanon

هل نكمل الفراغ وسط تحولات لم تكتمل ؟

ليس أكبر من المخاطر على لبنان سوى العجز عن قراءتها في الاطار الاستراتيجي، وعن مواجهتها برؤية وطنية. ومن الوهم في مثل هذه الحال تكبير الرهانات على متغيرات اقليمية لم تتبلور بعد، واستعجال البحث عن ارباح محددة وسط تراكم لامحدود للخسائر. فلا أحد يجهل ان صورة المستقبل في لبنان شديدة التأثر، ان لم تكن وثيقة الارتباط، بما يستقر عليه المشهد المتحول في سوريا، ولا شيء يوحي أن في المدى القريب نهاية لحرب سوريا التي هي مختصر الصراع الجيوسياسي في المنطقة وعليها. لا بالخيار العسكري، سواء لجهة انتصار طرف أو لجهة التسليم بتقاسم الأرض بين اللاعبين. ولا بالخيار السياسي، سواء ضمن تسوية شاملة تحافظ على وحدة سوريا أو ضمن ترتيبات واقعية لدويلات أو كيانات وسط الاحاديث عن سيناريوهات التفتيت في المنطقة، تحت عنوان المذاهب والأعراق والخروج من نظام سايكس – بيكو.

ذلك ان واحدا من الاسئلة التي يطرحها تقاسم الارض في سوريا هو: هل هذا مجرد امر واقع فرضته قوة الاشياء أم انه امر مطلوب ضمن اكثر من اجندة؟ وهل هو موقت وقابل للتغيير في الاتجاه المعاكس للتفتيت، أم أنه مصمم للبقاء والانتشار من سوريا والعراق الى بلدان عدة في المنطقة؟

الجواب صعب، وان كثر الذين يملكون أجوبة جاهزة. ولعل قراءة ثانية في كلام الرئيس باراك أوباما خلال زيارة استثنائية الى وزارة الدفاع تقدم بعض الجواب. فالموقف الأميركي المكرر واضح: دحر داعش يحتاج الى شريك فعّال لأميركا على الأرض. سوف نكثف الغارات على داعش، لكن الحملة طويلة المدى. والسبيل الوحيد لانهاء حرب سوريا وبالطبع داعش هو الانتقال السياسي الى حكومة للجميع من دون الأسد تخدم كل السوريين.

لكن نقاش الخطاب الواضح يقود الى كثير من الغموض عملياً. فالحكومة الجامعة من دون الأسد لا تزال، كما أكدت الوقائع من جنيف-١ الى اليوم، مهمة مستحيلة. والمعارضة المعتدلة التي يلتزم أوباما تدريبها وتسليحها هي التي صارت اللاعب الضعيف في سوريا بفعل السياسات والحسابات الأميركية والاقليمية والروسية والأوروبية وحسابات النظام أيضاً وأخطاء المعارضة. واذا لم يكن كلام أوباما واجهة لتفاهم جديد بين واشنطن وموسكو على حلّ سياسي في سوريا، فانه وصفة لاستمرار الحرب الى ما لا نهاية وبقاء النظام في سوريا المفيدة وداعش في دولة الخلافة وجبهة النصرة وبقية التنظيمات السلفية في شبه إمارة والمعارضة المعتدلة في جيوب محددة في الداخل وفي الفنادق في الخارج.

وليس أفضل ما نفعله، وسط التحولات الاقليمية التي لم تكتمل، هو الدفع لإكمال الفراغ في لبنان.