Site icon IMLebanon

هل تتذكّرون شيكاغو؟!

 

على الرغم من الجهد الكبير الذي تبذله الاجهزة الأمنية، في الجيش او في قوى الأمن الداخلي على مختلف المهام المنوطة بها، في مكافحة الجريمة، والتي تسجّل في هذا المجال نجاحاً ملحوظاً يسجّل لها وتشكر عليه، الاّ ان الجريمة في لبنان لا تزال في تصاعد مستمر، خصوصاً في مجالات القتل والاغتصاب وممارسة الدعارة في عدد كبير من المناطق، اضافة الى شبكات مروّجي المخدرات قريباً من الجامعات والمدارس والاحياء الشعبية، حيث الكثافة السكّانية وانعدام التوعية، وهذه الحالات كانت موجودة في لبنان، وازدادت نسبتها مع النزوح السوري وفق احصاءات قوى الأمن التي تؤكد ان الجريمة في لبنان ارتفعت بنسبة 30 بالمئة، واذا كان الجيش والاجهزة الامنية قد قصمت ظهر الارهاب على الحدود وفي الداخل، وحربها مستمرة في ملاحقة خلاياه والقبض على رؤوس ارتكبت جرائم ضد الجيش والمواطنين، الاّ ان الفلتان الاجرامي، واستسهال القتل تسببا بحصول جرائم قتل عديدة بشعة ارتكبت بدم بارد ووحشية موصوفة، ذهب ضحيتها عدد من المواطنين الابرياء، معظمهم في عمر الورود، والسبب الرئيسي لهذه الجرائم يعود الى انتشار السلاح في ايدي الناس وعجز الدولة عن معالجة هذه الآفة المميتة، اضافة الى انعدام المحاسبة كما يجب في بعض الاحيان، وكما يفترض ان يكون بموجب القانون اللبناني، وهذه الحالات، اضافة الى حالة الفساد المستشري، تعطي انطباعاً سيئاً عن لبنان في الخارج.

ان بلداً سياحياً مثل لبنان، يجب أن يكون الاستثمار في الامن في طليعة اهتمام الدولة، وحسناً فعلت الحكومة بالموافقة على تجنيد 200 عنصر جديد في قوى الأمن، ويمكن تأمين الاموال اللازمة لهؤلاء عن طريق وقف الهدر و«تخفيف» الفساد والصفقات، وهؤلاء العناصر مع الموجودين حالياً قد يكونوا قادرين على الامساك بالأمن، وخصوصاً في المناطق الشعبية القريبة من العاصمة، حيث الحياة فيها لا تطاق، بسبب «الزعران» الفالتين في شوارعها وأزقتها وبين البيوت، وحيث الليل يبدأ عند سكان تلك الاحياء، وخصوصاً النساء منهم، عند الساعة الخامسة بعد الظهر، هرباً من التحرّش والاعتداءات، ومن بلطجية تجار المخدرات، ومن يزر بعض احياء برج حمود والدورة والجديدة والنبعة، وغيرها، يعرف ماذا اقول ويعرف ايضاً ان قوى الامن لا تتدخل دائماً بقلّة عديدها، واذا تدخلت «يكون الضرب ضرب واللي هرب هرب»، وما ان ينسحب رجال الأمن الى مخافرهم يخرج «الزعران» من جحورهم ليكملوا نشر الرعب بين الناس حتى وهم في بيوتهم.

* * * * *

في الايام القليلة الماضية، شهد لبنان بعض الجرائم، اكثرها وحشية، اغتصاب موظفة في السفارة البريطانية وقتلها، كما اقدم رجل في بلدة مشمش العكارية على قتل حماته، واصابة زوجته بجروح بالغة الخطورة، كما عثر على المغدور جوزف وردة، بعد انقطاع اخباره لمدة خمسة ايام جثة هامدة الى جانب سيارته في وادٍ محاذٍ لاوتوستراد المتن المعروف باسم «اوتوستراد الموت» لحالات القتل والخطف وسرقة السيارات، ولم يكشف التحقيق بعد ما اذا كان وردة تدهور الى الوادي بسبب انعدام الرؤية وانعدام الاضاءة، او انه كان ضحية قطّاع الاوتستراد، وكان للدعارة والمخدرات وجود في تقارير قوى الأمن، حيث دهمت هذه القوى مقهى في بلدة عرمون وضبطت كمية كبيرة من المخدرات والحشيشة وحبوب منع الحمل، والقت القبض على 7 فتيات و19 شاباً وعلى صاحب المقهى.

* * * *

بعيداً عن هذه «الغلّة» من الجرائم، لا بدّ من تحميل مسؤولية ما للجهة او المؤسسة او الوزارة المعنية باضاءة الاوتسترادات والطرق، وبتأمين الامن على هذا الاوتستراد الموت هذا، علماً بأن اهالي المنطقة والبلدات، الذين يسلكون هذا الاوتستراد، بحّت أصواتهم وهم يطالبون بالاضاءة والامن، ولا احد يردّ عليهم او يستجيب لهم، لأن اهتمام المسؤولين من نواب ووزراء وموظفين، ليس تلبية مصالح الناس، بل تأمين مصالحهم.

اذا طالت مدة انتشار الجريمة، وتمددها الى مناطق جديدة، فان لبنان كلّه سيتحوّل الى شيكاغو اخرى؟!

هل تتذكّرون مدينة شكاغو الأميركية في سنوات الثلاثينات من القرن الماضي، وتتذكّرون  عرّابي الجريمة الذين حكموا اميركا؟!