الجميع مستعجل على تشكيل الحكومة، أليْس هذا ما يقولونه في كل مناسبة وظرف وتصريح؟ وقد يكون هذا صحيحاً… ولكن كلهم يريد الحكومة العتيدة على قياسه، والمصيبة الأكبر أنه في حال تلبية كل الشهوات المتصاعدة لدخول الوزارة أو إدخال المحازبين والأتباع والأصدقاء فيها يلزم أقل بقليل من أربعة ملايين حقيبة وزارية ناقصاً منها رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب وكبار موظفي الدولة… وكان الله في عون الرئيس المكلّف سعد الحريري الذي تنهال عليه طلبات التوزير كالمطر.
ولقد تصح فينا رواية راعي الماعز روكز في إحدى القرى الجبلية النائية الذي شوهد في بزّة رسمية ما أدهش أحد أصدقائه فسأله: خيراً إن شاء الله يا روكز! لماذا أنت في الملابس الرسمية؟ فأجابه من دون تردّد: نحن في عز معركة إنتخابات رئاسة الجمهورية… ولربّـما يستدعونني لانتخابي رئيساً!
صحيح أنّ في الأمر مبالغة، ولكنها دليل على الشهوة للسلطة العاصفة في الكثيرين وتعاظم الاستيزار عشية تأليف الحكومة… والواقع أننا مهما حاولنا أن نبسّط الأمور وأن نضحك على أنفسنا ونقول: لا أزمة أو مشكلة… فهذا لا يفيد شيئاً، الحقيقة أنّ لبنان قسمان: قسم يريد الدولة عن طريق الشرعية (المؤسّسات والإدارات العامة، الجيش، قوى الأمن الداخلي…) وقسم ثان يضحك علينا وعلى نفسه، وهو بالفعل لا يريد إلاّ مصلحته وعن أي طريق كان، خصوصاً أنّ لهذا القسم جيشه الخاص الذي يزج به في معارك المنطقة وحتى خارجها،
ساعة يورّطه في سوريا،
وساعة في العراق،
وتارة في اليمن،
وحيناً في يوغوسلافيا،
وأحياناً في أميركا اللاتينية،
وباختصار في مختلف أنحاء العالم في كل حين.
هذا الفريق يكذب علينا ويدّعي أنّ القرار عنده، والحقيقة أنّ القرار عند قاسم سليماني قائد «فيلق القدس» في الحرس الثوري الايراني.
وبالرغم من ذلك فإنّ الرئيس ميشال عون والرئيس نبيه بري والرئيس سعد الحريري لن ييأسوا… فلا بد من إصدار التشكيلة في وقت يفترض ألاّ يكون بعيداً.
وعندئذٍ يصبح الأمل كبيراً بألاّ يغرقوا وتغرق البلاد والعباد معهم في نصوص وعبارات ومطبّات البيان الوزاري، خصوصاً وأنّنا أمام الكثير من الإستحقاقات، وربما في طليعتها مسألة الوضع الاقتصادي الدقيق… ومن أبرز أسبابه السلاح، نقولها بصراحة وبواقعية.
وعلى سبيل المثال: لماذا لا يأتي السيّاح العرب الى لبنان؟ ببساطة لأنّ السلاح غير الشرعي موجود في أيدي مَن ليسوا في الشرعية… أي أنه موجود مع مَن ليسوا في الجيش وقوى الأمن وسائر الأسلاك والأجهزة الأمنية.
ونحن في لبنان كانت السياحة موردنا الأبرز، ويجب أن يعود هذا المورد الأبرز!
وأخيراً باختصار شديد نسألهم: هل تريدون الدولة فعلاً أم لا؟
عوني الكعكي