IMLebanon

هل يتخلّى الراعي عن رئيس من «الأقطاب»؟

المستقبل» و«القوات» يثَبتان «الحلف الاستراتيجي»

هل يتخلّى الراعي عن رئيس من «الأقطاب»؟

للمرة الأولى منذ أكثر من عشر سنوات، تلهث «14 آذار» للملمة انقساماتها واستعادة نوع من التماسك، تمايزت به في حقبات متعددة من تاريخها، لم ينف خلافات في الآراء حول قضايا استراتيجية، لكن تلك الانقسامات لم تؤد الى انشقاقات بسبب الطبيعة السياسية المطاطة لتلك القوى التي لا تتمتع برأس تنظيمي حديدي يضبط إيقاعها.

ربما كانت الطبيعة البراغماتية لقادة «14 آذار» السبب الرئيس وراء عدم انفراط عقد تلك القوى. وحدة تلك القوى واجهت محطات كبرى لم تطحها، من خروج العماد ميشال عون منها، مرورا بانسحاب النائب وليد جنبلاط، وليس انتهاء بـ«سين ـ سين» والزيارة الحريرية الى دمشق التي قوبلت بانفعال من قبل شرائح شعبية متعددة في «14 آذار». على أن تلك العناوين الكبرى اندرجت في ثناياها مواضيع خلافية أخرى لم تحل دون تمكن القادة الآذاريين من لملمة صفوفهم والانطلاق من جديد في مواجهتهم «السيادية».

حملت أواخر العام 2015 عنوانا جديدا مثيرا للجدل أثار التبرم لدى بعض صفوف تلك القوى، وحتى بعض الشقاق، على خلفية اللقاء الباريسي الشهير الشهر الماضي بين الرئيس سعد الحريري والنائب سليمان فرنجية والذي خرج منه الأخير مرشحا غير رسمي من قبل الحريري لرئاسة الجمهورية.

هذا الترشيح قد أثار حفيظة الزعيم المسيحي الأول في «14 آذار» رئيس «حزب القوات اللبنانية» سمير جعجع الذي لا يزال حتى اليوم على تصديه لهذا الترشيح، في الوقت الذي سجل فيه مؤخرا ترطيب للأجواء على خط العلاقة بين الزعيم المسيحي والرئيس الحريري، وهو ما استشفه زوار جعجع الذي أرسل الى الحريري داعيا الى تنظيم الخلاف وعدم الذهاب به الى حد يسبق التقارب التاريخي بين «تيار المستقبل» و «القوات» منذ العام 2005. إذ لا يزال «الحكيم» حريصا على علاقته بالحريري وهو لا يتوقف عن تكرار فضل «انتفاضة الاستقلال» في بعثه من السجن الى الحرية، ويقابله الحريري بحرص مماثل على علاقة استراتيجية اتسمت بالصراحة الكبيرة في أوقات الخلاف أكثر من غيرها.

يشير البعض داخل «14 آذار» الى قدرتها على تجاوز قطوع الخلاف المستجد بين الحريري وجعجع، لا بل انهم يلفتون النظر الى انه، وإن كانت المرحلة الأخيرة من العام 2015 قد شهدت تباعدا وخلافات بين أوساط «المستقبليين» و«القواتيين»، فإن الأيام الأخيرة، والتوضيحات والرسائل المتبادلة، نجحت في تعبيد الطريق أمام تنظيم للخلاف بين الحليفين وحصره في إطاره لكي يتسم بـ«الاختلاف» حول وسائل التعاطي مع المرحلة الحالية. أي ان الخلاف بين الحريري وجعجع بات اليوم، حسب هؤلاء، في إطار «التكتيك» وليس «الاستراتيجيات».

وفي وصف عام لحال قوى «14 آذار» اليوم، والـ2015 تضع خواتيمها، لا يتردد الآذاريون في اعتبار أن الأيام القليلة من العام الحالي قد حملت بوادر «التقاء» كبيرة بين قادة تلك القوى، وراء القضايا الكبرى التي توحدها وهي عديدة: الدولة، السيادة، السلاح غير الشرعي، المحكمة الدولية وغيرها..

وبرغم كل التطورات، يبقى «الحكيم» المرشح الرسمي لتلك القوى لرئاسة الجمهورية، أما بالنسبة الى فرنجية، فإن قياديا في تلك القوى يلخص الأجواء القائمة على الشكل التالي: ثمة حراك سياسي وتواصل لأجل إطلاق مبادرة تسوية رئاسية.

إذاً، فإن ترشيح فرنجية لا يزال قائما بالنسبة الى من أطلقه، وهو لن يتخذ قريبا الطابع الرسمي بسبب الرفض الذي قوبل به من قبل الفريق الآخر وعلى رأسه «حزب الله» الذي «يتريث في البت بموضوع الرئاسة اليوم حتى اتضاح المشهد الإقليمي»، حسب القيادي.

يبدو اليوم أن التسوية الحريرية في مرحلة الانتظار، وفرنجية، المرشح «التسووي» و«التوافقي»، بات يحظى بمباركة غير مباشرة من البطريركية، وان كان بعض زوار البطريرك بشارة الراعي ينقلون عنه مباركته المبادرة الرئاسية، ولكن في حال عجزها، دعوته الأفرقاء كافة الى انتقاء رئيس ولو من خارج «نادي الأربعة».

وإزاء الكلام الرسمي من قبل قوى «8 آذار» ودعوتهم الى سلة متكاملة تلحظ الحل الذي سيقوم على التسوية بين الفريقين، فإن البعض في «14 آذار» يرد بطرح تسوية شاملة مقابلة تلحظ من ناحيتها سلاح «حزب الله» ومعركته في سوريا، إذا ما أصرت قوى «8 آذار» على ما تقوله علناً برغبتها بسلة شاملة ومعارضتها لحل يقتصر على الرئاسة وحدها، علما أن البعض في قوى «8 آذار» ينفي مبدأ السلة من أساسه ويؤكد أن مطلب «8 آذار» يتمثل في رئاسة عون، الأمر الذي ليست قوى «14 آذار» اليوم في وارد القبول به.

وفي خلاصة تحليله لواقع الأمور في العام الجديد، يبدي القيادي في «14 آذار» تفاؤله في إمكانية انقشاع الغيم الإقليمي عن انفراجات تأتي برئيس للجمهورية في العام 2016.