Site icon IMLebanon

هل بات الاتفاق على تفاصيل التسوية شرطاً للاتفاق على انتخاب رئيس؟

هل بات الاتفاق على التسوية الوطنية الشاملة شرطاً للاتفاق على انتخاب رئيس للجمهورية بحيث يعرف كل حزب حصته منها، فيتكرر عندئذ ما حصل في مؤتمر الدوحة، أم أن لبنان بوضعه السياسي والأمني والاقتصادي الدقيق لا يتحمل انتظار التوصل الى اتفاق على تفاصيل التسوية الشاملة وسط انقسامات داخلية حادة لا يزيلها إلا تدخل خارجي فاعل ومؤثر على كل الافرقاء؟ وهذا يطرح التساؤل: أليس من مصلحة الوطن والمواطن الاتفاق على مرشح للرئاسة يكون ملء الثقة به ليتولى بالتشاور والتفاهم مع قادة القوى السياسية الأساسية في البلاد وضع هذه التسوية بكل تفاصيلها مهما طال الوقت لأن الوطن عندما يصبح له رأس يستطيع أن ينتظر التوصل الى تسوية لا تكون مخالفة للدستور كما حصل في الدوحة؟ أليس من الأفضل أيضاً للقادة في لبنان أن يصنعوا هم اتفاق “دوحة” جديداً عوض أن يفرضه عليهم الخارج وإن لم يكن مقبولاً منهم، وبعد أن يكون لبنان أصبح على شفير الهاوية إن لم يكن في الهاوية، اتفاقاً يلتزم كل الأفرقاء تنفيذه تنفيذاً دقيقاً كاملاً وإلا فقد معناه ومبناه؟ وهو ما حصل لاتفاق الدوحة الذي لم يحترم أي بند من بنوده إلا لفترة، فقد امتنع نواب عن انتخاب العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية مدة ستة أشهر رغم التوافق عليه، الى أن فرض اتفاق الدوحة عليهم انتخابه بعد الاتفاق على تسوية شاملة. فهل المطلوب الآن عدم انتخاب رئيس إلا بعد الاتفاق على تفاصيل التسوية الشاملة أو ما يسمى “سلة متكاملة” كي يعرف كل حزب حصته منها؟ وهل في استطاعة القادة في لبنان الاتفاق عليها بسهولة من دون تدخل خارج فاعل ومؤثر وإلا ذهب لبنان الى الهاوية من طول الفراغ؟ وَهَبْ ان القادة صنعوا معجزة باتفاقهم على مرشح للرئاسة، فهل ينتخبونه قبل الاتفاق على تفاصيل التسوية الشاملة أم بعد التوصل اليه ليكون جزءاً لا يتجزأ من الاتفاق على الرئيس؟ وهل مطلوب عقد مؤتمر جديد في “دوحة” جديدة غير معروف مكانها ليشمل اتفاق التسوية انتخاب رئيس للجمهورية وشكل الحكومة وقانون الانتخاب ما دامت 8 آذار تريد رئيساً منها و14 آذار تريد جمهورية ودولة لأي رئيس؟

الواقع أن مصلحة الوطن والمواطن تقضي بانتخاب رئيس للجمهورية أولاً تكون الثقة به كاملة، ومن ثم تحقيق تسوية شاملة بالعودة الى الدستور وليس بمخالفته مرة أخرى كما حصل في الدوحة. فرئيس الجمهورية هو الذي يقرر بالتفاهم مع القوى السياسية الأساسية في البلاد أي قانون للانتخاب هو الأكثر توازناً وعدالة ويحقق التمثيل الصحيح لشتى فئات الشعب وأجياله، وأي حكومة يجب أن تشرف على الانتخابات النيابية المقبلة، أهي حكومة لا مرشحين بين أعضائها لتأكيد حيادها وضمان اجراء انتخابات نيابية ديموقراطية حرة ونزيهة، لأنه مطلوب من المجلس الذي سينبثق من هذه الانتخابات إعادة تكوين السلطة على أسس سليمة كي تستطيع أن تنهض بالبلاد وتقضي على الفساد المستشري في كل مفاصل الدولة… أم تكون حكومة ائتلافية تشرف على الانتخابات ويخشى عندئذ أن يضع بعض الوزراء وزاراتهم في خدمة ناخبيهم؟

لقد وضعت في “الدوحة” تسوية لم يطبق منها سوى انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة وحدة وطنية ما لبث أن خالف وزراء فيها هذه التسوية باستقالتهم منها، والقبول بقانون الستين معدلاً ثم أصبح مرفوضاً بعد النتائج التي جاءت بها الانتخابات على أساسه لمصلحة 14 آذار، ولم يتقيد أطراف بما نص عليه الاتفاق لجهة الامتناع عن استخدام السلاح لتحقيق مكاسب سياسية، ولا تعزيز سلطات الدولة على كل أراضيها، وحصر السلطة الأمنية والعسكرية بيد الدولة ضمانة لاستمرار صيغة العيش المشترك والسلم الأهلي، واحترام سيادة الدولة في كل المناطق بحيث لا تكون ملاذاً للفارين من وجه العدالة بل تقديم كل من يرتكب جرائم ومخالفات الى القضاء، ولا التزم أطراف دعوة القيادات الى وقف استخدام لغة التخوين أو التحريض السياسي والمذهبي.

لذلك مطلوب من القادة في لبنان تسوية شاملة تتم بعد انتخاب رئيس لكون لهم ملء الثقة به كي يستطيع التوصل بالتفاهم معهم الى تسوية شاملة قد تحتاج الى وقت لا قدرة في الظروف الراهنة الدقيقة على انتظار طول مدته توصلاً الى هذه التسوية إذا أصبحت شرطاً للاتفاق على انتخاب رئيس.