IMLebanon

هل يحق لجعجع ما ليس مسموحاً للحريري؟

فرنجية أمام الإحراج إذا فعلها رئيس «القوات»

هل يحق لجعجع ما ليس مسموحاً للحريري؟

الرئيس سعد الحريري ينسق مع النائب سليمان فرنجية في باريس.. ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع ينسق مع العماد ميشال عون في بيروت.

هي معادلة جديدة عابرة لـ «8 و14 آذار» أنتجها التغيير الذي طرأ على «قواعد الاشتباك» الناظمة للصراع على قصر بعبدا، بفعل عملية الكوماندوس السياسي التي نفذها الحريري خلف خطوط الاستحقاق الرئاسي.. وخلف ظهر حليفه المسيحي المفترض.

إنها مرحلة إعادة «ضم وفرز» للمواقع السياسية، وفق ترسيم معدّل للحدود بين الأطراف الداخلية، من شأنها أن تؤدي الى تصدع الاصطفافات التقليدية السابقة، بمعزل عن النتائج التي سيفضي اليها المخاض الرئاسي.

وإذا كان تقارب الحريري – فرنجية قد انطوى على مفاجأة للكثيرين، فإن احتمال ترشيح جعجع لمنافسه اللدود في الساحة المسيحية الى رئاسة الجمهورية، شكل صدمة من العيار الثقيل تراوحت بين الإيجابية والسلبية تبعا لهوية المتلقي وحساباته.

يتابع جعجع من مقره في معراب دفق التحليلات التي تحاول سبر أغوار نياته واستشراف خياراته، تاركا لأصحابها أن يصولوا ويجولوا في الوقت الضائع، من دون أن يتدخل للنفي أو للتأكيد، في انتظار نضوج اللحظة المناسبة لـ «الكلام المباح».

وأياً تكن نسب الدقة أو الخطأ في مقاربة الآخرين لحسابات جعجع، يبدو رئيس «القوات» مسرورا بأن تتحول معراب الى مركز استقطاب سياسي وإعلامي، مفترضا أن الإنجاز الأول الذي حققه تلويحه بإمكانية ترشيح عون هو إحداث تغيير في الجغرافيا السياسية، بحيث أصبحت الطريق الى بعبدا تمر في معراب.

وهذا الأمر تحديدا يحذر منه أحد الخصوم المسيحيين لجعجع، معتبرا انه ليس مقبولا أن تصبح «القوات» ممرا إلزاميا الى قصر بعبدا وان يغدو رئيسها ممسكا بمفتاحه، وإذا كان البعض قد رفض أن يُسمي الحريري رئيس الجمهورية، فمن باب أولى عدم السماح بتجيير هذا الامتياز الى جعجع الذي يحاول أن يؤدي دورا منتفخا، يتجاوز حجمه في المعادلة السياسية عموما والرئاسية خصوصا، وبالتالي فما هو مرفوض أن يُعطى لرئيس «تيار المستقبل» لا يجوز أن يأخذه رئيس «القوات».

وتشير هذه الشخصية المسيحية المعارضة لجعجع الى أن من مخاطر ترشيحه لعون، إذا حصل، هو أنه سيؤدي الى استقطاب طائفي حاد على قاعدة أكثرية مسيحية في مواجهة أكثرية إسلامية، في استعادة لخطوط التماس القديمة التي كان يُعتقد أنها أزيلت مع اتفاق الطائف.

وفي ظن تلك الشخصية أن ترشيح رئيس «القوات» للجنرال سيُقابل برفض علني أو ضمني من قبل الرئيس نبيه بري والرئيس الحريري والنائب وليد جنبلاط الذين سيكونون في مواجهة ثنائية مارونية تضم «التيار» و «القوات»، الأمر الذي من شأنه أن يترك تداعيات على مجمل الواقع اللبناني.

وتلفت الشخصية المسيحية نفسها الانتباه الى أن احتضان جعجع المحتمل لخيار عون، سيدفع تلقائيا الى طرح تساؤلات حول الأثمان التي ستترتب على هذا الدعم القواتي للجنرال في المعركة الرئاسية، لأنه ليس واردا لدى جعجع أن يقدم خدمات مجانية أو تبرعات سياسية لمنافسه المسيحي، ولا بد من أن يحاول الحصول على مكاسب أو تعويضات سياسية تتناسب مع التنازل الذي يمكن أن يقدمه الى عون، في حال موافقته على دعم ترشيحه الى الرئاسة.

وتكشف الشخصية المسيحية عن أن «القوات» كانت قد تقدمت، على سبيل المثال، بطروحات مرتفعة السقف خلال الاجتماعات التي عقدتها مع تيار «المردة» في مرحلة سابقة لترطيب الأجواء وتنظيم الخلاف بين الطرفين، فكيف إذا كان الأمر يتعلق بإيصال عون الى رئاسة الجمهورية «المرتفعة السعر» في ظل زيادة الطلب عليها؟

وتعتبر هذه الشخصية أن فرنجية قد يكون الأكثر إحراجا إذا حسم جعجع قرار تأييد عون، لأن رئيس «تيار المردة» سيغدو متأرجحا بين خيارين:

ـ الاول، الانسحاب دعما لعون انسجاما مع موقفه السابق الذي أكد فيه ان الاولوية الرئاسية هي للجنرال إذا كانت له حظوظ بالوصول، وهي سترتفع حكما إذا أيده جعجع.

ـ الثاني، مواصلة المعركة الرئاسية حتى النهاية ولو وضعته في مقابل عون.

أما ماذا سيقرر فرنجية، فإن العارفين يؤكدون انه ليس مضطرا الى كشف ورقته قبل أن يبادر جعجع الى ترشيح الجنرال فعليا، وعندها يُبنى على الشيء مقتضاه.