Site icon IMLebanon

هل يُجدي عزاء نجل نصرالله أهالي المفجوعين نفعاً؟

في مقطع من شريط مصوّر، يظهر عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب حسن فضل الله وإلى جانبه جواد نصرالله نجل الأمين العام لـ«حزب الله» وهما يقومان بواجب التعزية لعائلة العنصر في الحزب أحمد سرور الذي سقط مؤخّراً في سوريا، في سياق دعاية إعلاميّة يقوم بها الحزب بهدف إخراج صورة تُظهر مدى تعاطف قاعدته الشعبيّة وبيئته مع خيار الحرب الذي ينتهجه.

بدا واضحاً من خلال الشريط أن «أولياء الله على الأرض، أي نصرالله وفضل الله، لم يدخلا منزل سرور من بابه، إنّما تسحّبا من باب أصحاب «العتبات المُقدّسة» للالتفاف على العائلة المفجوعة برحيل ولدها وامتصاص غضبها وهذا ما بدا واضحاً من خلال تعريف النائب أصحاب البيت على الزائر الذي يُرافقه في جولاته على بيوت الأهالي المفجوعين برحيل أولادهم بالقول «السيد جواد نصرالله ابن سماحة السيد جاءكم بسلام خاص من والده«.

أراد النائب فضل الله إفهام العائلة أن ولدهم قد «استشهد» في سبيل السيدة «زينب» ومن أجل أن لا تُسبى مرّتين ثم بدأ يسرد لهم بطولات عن نجلهم لدرجة قد يظن البعض أنّه عايش مراحل حياته وتنقّل معه من موقع إلى آخر. لكن هذا البعض لا تسقط من حساباته فكرة أو سؤال عن سبب وجود فضل الله ونجل نصرالله داخل بيت هذه العائلة وسواها من العائلات المنكوبة بينما أولادهم هم وأزواجهم تحوّلوا إلى مُجرّد ذكرى تغيب وجوههم عن أطفال كُتبت على جباههم رحلات العذاب مُنذ أُضيفت أسماؤهم إلى سجلّات الموت القادم.

ثقافة الموت عند «حزب الله» تتجدّد مع ولادة كل طفل ينتمي إلى بيئته حتّى أصبحت مجالس العزاء الموزّعة بين القرى والمُحافظات بمثابة العنوان الأوحد لديمومة الحزب وبقائه على قيد الحياة، وانطلاقاً من مواعظ النائب فضل الله التي ألقاها على العائلة المُتّشحة بالسواد وثقافة الموت التي عمل على زرعها بداخلهم، تخجل إحدى شقيقات القتيل لدى سؤالها عن الرسالة التي تُريد توجيهها للسيد نصرالله من خلال نجله الضيف، فتقول « كل أشقّائي سوف يسيرون على الدرب نفسه وسينالون الشهادة ذاتها التي حصل عليها محمد»، وهنا يرد سعادة النائب بالقول «الله يحميهم«.

نوّاب «حزب الله» ونجل الأمين العام تحوّلوا خلال الفترة الأخيرة إلى نجوم مجالس التعزية، يتوّزعون على المآتم ويتحوّلون إلى خُطباء منابر بامتياز. يُكرّرون على مسامع الأهالي الحكايات ذاتها ويتناقلونها من عزاء إلى آخر. يبرعون في نشر الأحقاد من خلال نبشهم لتاريخ لم يُقرأ سوى في صحفهم وكتاباتهم، تاريخ هم أبطاله وضحاياه في آن، والأهم أنّهم هم صانعوه، والسؤال عن لحظات اختلاء الأهل بأنفسهم للحظات وحدها دمعاتهم تكشف ما تُخبّئه قلوبهم من قهر وحيرة من زمن لم يترك لهم سوى وصايا مُصوّرة لا تُزيدهم إلّا حسرة وألماً.

يُصرّ «حزب الله» على نشر ثقافة الموت داخل بيئته تماماً كما يُصرّ على خوض الحرب في سوريا حتّى آخر «شيعي». بيئة لم يعد مسموحاً لها الخروج من تحت العباءة السوداء، ثقافة عمادها الخروج من إطار الحياة كُلّها بأكثر الأضرار وترك أطفال يربون على حُبّ الانتقام واللحاق بمصير من سبقوهم، والباحث منذ اليوم عن مصير أبنائه داخل بيئة «حزب الله»، ما عليه إلّا أن ينظر مليّاً الى صورة الطفل مشهور شمس الدين وهو داخل نعشه الصغير، او إلى صورة شقيق العنصر محمد قاسم وهو يُمسك بنعش شقيقه ويتوسّله العودة إلى الحياة ولو للحظة من العمر.